513
تاريخ الخلفاء الراشدين (4)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? شخصيته وعصره دراسة شاملة
الفصل السادس : معركته الجمل وصفين وقضية التحكيم
المبحث الثاني :معركة صفين (37هـ)
ثانيًا: نشوب القتال:
5- مقتل عمّار بن ياسر رضي الله عنه وأثره على المسلمين:
يعد حديث رسول الله× لعمار، رضي الله عنه، «تقتلك الفئة الباغية»( ) من الأحاديث الصحيحة والثابتة عن النبي ×، وقد كان لمقتل عمّار، رضي الله عنه – أثر في معركة صفين، فقد كان علمًا لأصحاب رسول الله يتبعونه حيث سار، وكان خزيمة بن ثابت حضر صفين وكان كافًا سلاحه، فلما رأى مقتل عمار سل سيفه وقاتل أهل الشام، وذلك لأنه سمع( ) حديث رسول الله × عن عمار: «تقتله الفئة الباغية».واستمر في القتال حتى قُتل( ), وكان لمقتل عمّار أثر في معسكر معاوية، فهذا أبو عبد الرحمن السلمي دخل في معسكر أهل الشام، فرأى معاوية وعمرو بن العاص وابنه عبد الله بن عمرو، وأبا الأعور السلمي، عند شريعة الماء يسقون. وكانت هي شريعة الماء الوحيدة التي يستقي منها الفريقان، وكان حديثهم عن مقتل عَمّار بن ياسر، إذ قال عبد الله بن عمرو لوالده: لقد قتلنا هذا الرجل وقد قال فيه رسول الله ×: «تقتله الفئة الباغية».فقال عمرو لمعاوية: لقد قتلنا الرجل وقد قال فيه رسول الله × ما قل. فقال معاوية: اسكت فوالله ما تزال تدحض( ) في بولك، أنحن قتلناه؟ إنما قتله من جاء به( )، فانتشر تأويل معاوية بين أهل الشام انتشار النار في الهشيم، وجاء في رواية صحيحة أن عمرو ابن حزم دخل على عمرو بن العاص فقال: قتل عمار وقد قال فيه رسول الله ×: «تقتله الفئة الباغية». فقام عمرو بن العاص فزعًا يرجع حتى دخل على معاوية فقال له معاوية: ما شأنك؟ فقال: قُتل عمار. قال معاوية: فماذا؟ قال عمرو: سمعت رسول الله × يقول له: «تقتلك الفئة الباغية».فقال له معاوية: دحضت في بولك، أو نحن قتلناه؟! إنما قتله على وأصحابه، وجاءوا به حتى ألقوه بين رماحنا، أو قال: بين سيوفنا( ).
وفي رواية صحيحة أيضًا: جاء رجلان عند معاوية يختصمان في رأس عمّار، يقول كل واحد منهما: أنا قتلته؛ فقال عبد الله بن عمرو بن العاص: ليطب به أحدكم نفسًا لصاحبه، فإني سمعت رسول الله × يقول: «تقتله الفئة الباغية».قال معاوية: فما بالك معنا؟ قال: إن أبى شكاني إلى رسول الله × فقال: أطع أباك ما دام حيًا ولا تعصه. فأنا معكم ولست أقاتل( ). من الروايات السابقة نلاحظ أن الصحابي الفقيه عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – حريص على قول الحق والنصح، فقد رأى أن معاوية وجنده، هم الفرقة الباغية لقتلهم عمارًا، فقد تكرر منه هذا الاستنكار في مناسبات مختلفة؛ ولا شك أن مقتل عمّار – رضي الله عنه – قد أثر في أهل الشام بسبب هذا الحديث، إلا أن معاوية – رضي الله عنه – أوّل الحديث تأويلاً غير مستساغ ولا يصح في أن الذين قتلوا عمارًا هم الذين جاءوا به إلى القتال( ). وقد أثر مقتل عمار كذلك على عمرو بن العاص، بل كان استشهاد عمار دافعًا لعمرو بن العاص للسعي لإنهاء الحرب( ), وقد قال رضي الله عنه: وددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة( ), وقد جاء في البخاري عن أبى سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: كنا نحمل لبنة؛ وعمّار لبنتين لبنتين، فرآه النبي ×، فينفض التراب عنه ويقول: «ويح عمّار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار».قال عمّار: أعوذ بالله من الفتن( ), وقال ابن عبد البر: تواترت الآثار عن النبي × أنه قال:«تقتل عمارًا الفئة الباغية»، وهذا من إخباره بالغيب وإعلام نبوته ×، وهو من أصح الأحاديث( ), وقال الذهبي بعد ما ذكر الحديث: وفي الباب عن عدة من الصحابة، فهو متواتر( ).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق