إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 4 مارس 2015

205 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثاني باب ما كان يشتغل به رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتزوج خديجة


205

البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثاني

 باب ما كان يشتغل به رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتزوج خديجة

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر بن عبد الله، أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا عمرو بن أبي يحيى بن سعيد القرشي، عن جده سعيد، عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏(‏‏(‏ما بعث الله نبياً إلا راعي غنم‏)‏‏)‏‏.‏

فقال له أصحابه‏:‏ وأنت يا رسول الله‏؟‏

قال‏:‏ ‏(‏‏(‏وأنا رعيتها لأهل مكة بالقراريط‏)‏‏)‏‏.‏

رواه البخاري عن أحمد بن محمد المكي، عن عمرو بن يحيى به‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 2/ 361‏)‏

ثم روى البيهقي من طريق الربيع بن بدر - وهو ضعيف - عن أبي الزبير، عن جابر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏(‏‏(‏آجرت نفسي من خديجة سفرتين بقلوص‏)‏‏)‏‏.‏

وروى البيهقي من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس‏:‏ أن أبا خديجة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو - أظنه - قال‏:‏ سكران‏.‏

ثم قال البيهقي‏:‏ أخبرنا أبو الحسين ابن الفضل القطان، أنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان قال‏:‏ حدثني إبراهيم بن المنذر، حدثني عمر بن أبي بكر المؤملي، حدثني عبد الله بن أبي عبيد بن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه، عن مقسم بن أبي القاسم - مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل - أن عبد الله بن الحارث حدثه‏:‏

أن عمار بن ياسر كان إذا سمع ما يتحدث به الناس عن تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة وما يكثرون فيه يقول‏:‏ أنا أعلم الناس بتزويجه إياها، إني كنت له ترباً، وكنت له إلفاً وخدناً‏.‏

وإني خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم حتى إذا كنا بالحزورة، أجزنا على أخت خديجة وهي جالسة على أدم تبيعها فنادتني، فانصرفت إليها، ووقف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‏:‏ أما بصاحبك هذا من حاجة في تزويج خديجة‏.‏

قال عمار‏:‏ فرجعت إليه فأخبرته، فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏بل لعمري‏)‏‏)‏‏.‏

فذكرت لها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‏:‏ اغدوا علينا إذا أصبحنا، فغدونا عليهم فوجدناهم قد ذبحوا بقرة، وألبسوا أبا خديجة حلة وصفرت لحيته، وكلمت أخاها، فكلم أباه، وقد سقى خمراً، فذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكانه، وسألته أن يزوجه فزوجه خديجة، وصنعوا من البقرة طعاماً فأكلنا منه‏.‏

ونام أبوها ثم استيقظ صاحياً فقال‏:‏ ما هذه الحلة‏؟‏ وما هذه الصفرة وهذا الطعام‏؟‏

فقالت له ابنته التي كانت قد كلمت عماراً‏:‏ هذه حلة كساكها محمد بن عبد الله ختنك، وبقرة أهداها لك فذبحناها حين زوجته خديجة، فأنكر أن يكون زوجه، وخرج يصيح حتى جاء الحجر، وخرج بنو هاشم برسول الله صلى الله عليه وسلم فجاؤه فكلموه‏.‏

فقال‏:‏ أين صاحبكم الذي تزعمون أني زوجته خديجة‏؟‏ فبرز له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نظر إليه قال‏:‏ إن كنت زوجته فسبيل ذاك، وإن لم أكن فعلت فقد زوجته‏.‏

وقد ذكر الزهري في سيره أن أباها زوجها منه وهو سكران، وذكر نحو ما تقدم، حكاه السهيلي‏.‏

قال المؤملي‏:‏ المجتمع عليه أن عمها عمرو بن أسد هو الذي زوجها منه، وهذا هو الذي رجحه السهيلي، وحكاه عن ابن عباس وعائشة قالت‏:‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 2/ 362‏)‏

وكان خويلد مات قبل الفجار، وهو الذي نازع تبعاً حين أراد أخذ الحجر الأسود إلى اليمن، فقام في ذلك خويلد وقام معه جماعة من قريش، ثم رأى تبع في منامه ما روعه، فنزع عن ذلك وترك الحجر الأسود مكانه‏.‏

وذكر ابن إسحاق في آخر السيرة‏:‏ أن أخاها عمرو بن خويلد هو الذي زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فالله أعلم‏.‏

 فصل ذكر خديجة لورقة بن نوفل عن النبي عليه الصلاة والسلام‏.‏

قال ابن إسحاق‏:‏ وقد كانت خديجة بنت خويلد ذكرت لورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي - وكان ابن عمها وكان نصرانياً قد تتبع الكتب، وعلم من علم الناس ما ذكر لها غلامها من قول الراهب، وما كان يرى منه إذ كان الملكان يظلانه - فقال ورقة‏:‏ لئن كان هذا حقاً يا خديجة، إن محمداً لنبي هذه الأمة قد عرفت أنه كائن لهذه الأمة نبي ينتظر هذا زمانه - أو كما قال - فجعل ورقة يستبطئ الأمر ويقول‏:‏ حتى متى‏؟‏ وقال في ذلك‏:‏

لججت وكنت في الذكرى لجوجا * لهمٍّ طالما ما بعث النشيجا

ووصف من خديجة بعد وصف * فقد طال انتظاري يا خديجا

ببطن المكتين على رجائي * حديثك أن أرى منه خروجا

بما خبرتنا من قول قس * من الرهبان أكر أن يعوجا

بأن محمدا سيسود قوما * ويخصم من يكون له حجيجا

ويظهر في البلاد ضياء نور * يقوم به البرية أن تموجا

فيلقى من يحاربه خسارا * ويلقى من يسالمه فلوجا

فيا ليتني إذا ما كان ذاكم * شهدت وكنت أولهم ولوجا

‏(‏ج/ص‏:‏ 2/ 363‏)‏

وَلوجاً في الذي كرهت قريش * ولو عجت بمكتها عجيجا

أرجي بالذي كرهوا جميعاً * إلى ذي العرش إن سفلوا عروجا

وهل أمر السفالة غير كفر * بمن يختار من سمك البروجا

فإن يبقوا وأبق يكن أمور * يضج الكافرون لها ضجيجا

وإن أهلك فكل فتى سيلقى * من الأقدار متلفة خروجا

وقال ورقة أيضاً فيما رواه يونس بن بكير، عن ابن إسحاق عنه‏:‏

أتبكر أم أنت العشية رائح * وفي الصدر من إضمارك الحزن قادح

لفرقة قوم لا أحب فراقهم * كأنك عنهم بعد يومين نازح

وأخبار صدق خبرت عن محمد * يخبرها عنه إذا غاب ناصح

أتاك الذي وجهت يا خير حرة * بغور وبالنجدين حيث الصحاصح

إلى سوق بصرى في الركاب التي غدت * وهن من الأحمال تعص دوالح

فيخبرنا عن كل خير بعلمه * وللحق أبواب لهن مفاتح

بأن ابن عبد الله أحمد مرسل * إلى كل من ضمت عليه الأباطح

وظني به أن سوف يبعث صادقا * كما أرسل العبدان هود وصالح

وموسى وإبراهيم حتى يرى له * بهاء ومنشور من الذكر واضح

ويتبعه حيا لؤي وغالب * شبابهم والأشيبون الجحاجح

فإن أبق حتى يدرك الناس دهره * فإني به مستبشر الود فارح

وإلا فإني يا خديجة فاعلمي * عن أرضك في الأرض العريضة سائح

وزاد الأموي‏:‏

فمتبع دين الذي أسس البنا *وكان له فضل على الناس راجح

وأسس بنيانا بمكة ثابتا * تلألأ فيه بالظلام المصابح

مثاباً لأفناء القبائل كلها * تخب إليه اليعملات الطلائح

حراجيج أمثال القداح من السرى * يعلق في أرساغهن السرايح

‏(‏ج/ص‏:‏ 2/364‏)‏

ومن شعره فيما أورده أبو القاسم السهيلي في ‏(‏روضه‏)‏

لقد نصحت لأقوام وقلت لهم * أنا النذير فلا يغرركم أحد

لا تعبدن إلها غير خالقكم * فإن دعوكم فقولوا بيننا حداد

سبحان ذي العرش سبحاناً يدوم له * وقبلنا سبح الجودي والجمد

مسخر كل ما تحت السماء له * لا ينبغي أن يناوي ملكه أحد

لا شيء مما نرى تبقى بشاشته * يبقى الإله ويودي المال والولد

لم تغن عن هرمز يوماً خزائنه * والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا

ولا سليمان إذ تجري الرياح به * والجن والإنس فيما بينها مرد

أين الملوك التي كانت لعزتها * من كل أوب إليها وافد يفد

حوض هنالك مورود بلا كذب * لا بد من ورده يوماً كما وردوا

ثم قال‏:‏ هكذا نسبه أبو الفرج إلى ورقة قال‏:‏ وفيه أبيات تنسب إلى أمية بن أبي الصلت‏.‏

قلت‏:‏ وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يستشهد في بعض الأحيان بشيء من هذه الأبيات، والله أعلم‏.‏



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق