إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 29 مارس 2015

1337 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن وممن توفي في هذه السنة من الأعيان وفيها مقتل النعمان بن بشير الأنصاري


1337
  
البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء الثامن

 وممن توفي في هذه السنة من الأعيان

 وفيها مقتل النعمان بن بشير الأنصاري

وأمه عمرة بنت رواحة، كان النعمان أول مولود ولد بالمدينة بعد الهجرة للأنصار، في جمادى الأول سنة ثنتين من الهجرة، فأتت به أمه تحمله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحنكه وبشرها بأنه يعيش حميداً، ويقتل شهيداً، ويدخل الجنة، فعاش في خير وسعة‏.‏

ولي نيابة الكوفة لمعاوية تسعة أشهر، ثم سكن الشام، وولي قضاءها بعد فضالة بن عبيد، وفضالة بعد أبي الدرداء‏.‏

وناب بحمص لمعاوية، وهو الذي رد آل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بأمر يزيد له في ذلك، وهو الذي أشار على يزيد بالإحسان إليهم فرق لهم يزيد وأحسن إليهم وأكرمهم، ثم لما كانت وقعة مرج راهط وقتل الضحاك بن قيس، وكان النعمان قد أمده بأهل حمص‏.‏

فقتلوه بقرية يقال لها‏:‏ بيرين، قتله رجل يقال له‏:‏ خالد بن خلي المازني، وقتل خلي بن داود وهو جد خالد بن خلي‏.‏

وقد رثته ابنته فقالت‏:‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/269‏)‏

ليت ابن مرنة وابنه * كانوا لقتلك واقية

وبني أمية كلهم * لم تبق منهم باقية

جاء البريد بقتله * يا للكلاب العاوية

يستفتحون برأسه * دارت عليهم فانية

فلأبكين سريرةً * ولأبكين علانية

ولا بكينك ما حييـ*ـت مع السباع العادية

وقيل‏:‏ إن أعشى همدان قدم على النعمان بن بشير وهو على حمص وهو مريض‏.‏

فقال له النعمان‏:‏ ما أقدمك‏؟‏

قال‏:‏ لتصلني وتحفظ قرابتي وتقضي ديني‏.‏

فقال‏:‏ والله ما عندي، ولكني سائلهم لك شيئاً‏.‏

ثم قام فصعد المنبر ثم قال‏:‏ يا أهل حمص، إن هذا ابن عمكم من العراق، وهو مسترفدكم شيئاً، فما ترون‏؟‏

فقالوا‏:‏ احتكم في أموالنا، فأبى عليهم‏.‏

فقالوا‏:‏ قد حكمنا من أموالنا كل رجل دينارين -وكانوا في الديوان عشرين ألف رجل - فعجلها له النعمان من بيت المال أربعين ألف دينار، فلما خرجت أعطياتهم أسقط من عطاء كل رجل منهم دينارين‏.‏

ومن كلام النعمان بن بشير رضي الله عنه قوله‏:‏ إن الهلكة كل الهلكة أن تعمل السيئات في زمان البلاء‏.‏

وقال يعقوب بن سفيان‏:‏ حدثنا أبو اليمان، ثنا إسماعيل بن عياش، عن أبي رواحة‏:‏ يزيد ابن أيهم، عن الهيثم بن مالك الطائي، سمعت النعمان بن بشير على المنبر يقول‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏إن للشيطان مصالي وفخوخاً، وإن من مصاليه وفخوخه البطر بنعم الله، والفخر بعطاء الله، والكبر على عباد الله، واتباع الهوى في غير ذات الله‏)‏‏)‏‏.‏

ومن أحاديثه الحسان الصحاح ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏إن الحلال بَيّن، والحرام بيّن، وبين ذلك أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعي حول الحمى يوشك أن يرتع فيه‏.‏

ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله تعالى محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب‏)‏‏)‏‏.‏

رواه البخاري ومسلم‏.‏

وقال أبو مسهر‏:‏ كان النعمان بن بشير على حمص عاملاً لابن الزبير، فلما تملك مروان خرج النعمان هارباً فاتبعه خالد بن خلي الكلاعي فقتله‏.‏

قال أبو عبيدة وغير واحد‏:‏ في هذه السنة‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/270‏)‏

وقد روى محمد بن سعد بأسانيده أن معاوية تزوج امرأة جميلة جداً، فبعث إحدى امرأتيه - قيسون أو فاختة - لتنظر إليها، فلما رأتها أعجبتها جداً، ثم رجعت إليه فقال‏:‏ كيف رأيتيها‏؟‏

قالت‏:‏ بديعة الجمال، غير أني رأيت تحت سرتها خالاً أسود، وإني أحسب أن زوجها يقتل ويلقى رأسه في حجرها‏.‏

فطلقها معاوية وتزوجها النعمان بن بشير، فلما قتل أتي برأسه فألقي في حجرها، سنة خمس وستين‏.‏

وقال سليمان بن زير‏:‏ قتل بسلمية سنة ست وخمسين‏.‏

وقال غيره‏:‏ سنة خمس وستين‏.‏

وقيل‏:‏ سنة ستين والصحيح ما ذكرناه‏.‏

وفيها‏:‏ توفي المسوَّر بن مخرمة بن نوفل، صحابي صغير، أصابه حجر المنجنيق مع ابن الزبير بمكة وهو قائم يصلي في الحجر‏.‏

وهو من أعيان من قتل في حصار مكة وهو المسوّر بن مخرمة بن نوفل، أبو عبد الرحمن الزهري، أمه عاتكة أخت عبد الرحمن بن عوف، له صحبة ورواية، ووفد على معاوية، وكان ممن يلزم عمر بن الخطاب‏.‏

وقيل‏:‏ إنه كان ممن يصوم الدهر، وإذا قدم مكة طاف لكل يوم غاب عنها سبعاً، وصلى ركعتين‏.‏

وقيل‏:‏ إنه وجد يوم القادسية إبريق ذهب مرصع بالياقوت فلم يدر ما هو، فلقيه رجل من الفرس فقال له‏:‏ بعنيه بعشرة آلاف، فعلم أنه شيء له قيمة، فبعث به إلى سعد بن أبي وقاص فنفله إياه، فباعه بمائة ألف‏.‏

ولما توفي معاوية قدم مكة فأصابه حجر المنجنيق مع ابن الزبير لما رموا به الكعبة، فمات من بعد خمسة أيام، وغسله عبد الله بن الزبير، وحمله في جملة من حمل إلى الحجون‏.‏

وكانوا يطأون به القتلى، ويمشون به بين أهل الشام، واحتكر المسوّر بن مخرمة طعاماً في زمن عمر بن الخطاب، فرأى سحاباً فكرهه، فلما أصبح عدا إلى السوق فقال‏:‏ من جاءني أعطيته‏.‏

فقال عمر‏:‏ أجننت يا أبا مخرمة‏؟‏

فقال‏:‏ لا والله يا أمير المؤمنين، ولكني رأيت سحاباً فكرهت ما فيه الناس فكرهت أن أربح فيه شيئاً‏.‏

فقال له عمر‏:‏ جزاك الله خيراً‏.‏

ولد المسوَّر بمكة بعد الهجرة بسنتين‏.‏




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق