87
عمر بن عبد العزيز ( معالم التجديد والاصلاح الراشدى ) على منهاج النبوة
الفصل الأول : معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه من مولده حتى نهاية عهد الخلافة الراشدة
المبحث الثالث : معاوية بن أبي سفيان في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنهما :
ثالثاً : نشوب القتال:
5 ـ مقتل عمّار بن ياسر رضي الله عنه وأثره على المسلمين:
يعد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمّار رضي الله عنه: تقتلك الفئة الباغية من الأحاديث الصحيحة والثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد كان لمقتل عمّار رضي الله عنه أثر في معركة صفين، فقد كان علماً لأصحاب رسول الله يتبعونه حيث سار وكان خزيمة بن ثابت حضر صفين وكان كافاً سلاحه، فلما رأى مقتل عمّار سل سيفه وقاتل أهل الشام، وذلك لأنه سمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمّار: تقتله الفئة الباغية ، واستمر في القتال حتى قتل ، وكان لمقتل عمّار أثر في معسكر معاوية، فهذا أبو عبد الرحمن السلمي دخل في معسكر أهل الشام، فرأى معاوية وعمرو بن العاص وابنه عبد الله بن عمرو، وأبو الأعور السلمي، عند شرعة الماء يسقونـ وكانت هي شربة الماء الوحيدة التي يستقي منها الفريقان، وكان حديثهم عن مقتل عمّار بن ياسر، إذ قال عبد الله بن عمرو لوالده: لقد قتلنا هذا الرجل وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، قال: وأي رجل؟ قال: عمّار بن ياسر.. قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم تقتله الفئة الباغية. فقال عمرو لمعاوية لقد قتلنا الرجل وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال! فقال معاوية: اسكت فوالله ما تزال تدحض في بولك أنحن قتلناه؟ إنما قتله من جاء به ، فانتشر تأويل معاوية بين أهل الشام إنتشار النار في الهشيم، وجاء في رواية صحيحة أن عمرو بن حزم دخل على عمرو بن العاص فقال: قتل عمار وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: تقتله الفئة الباغية. فقام عمرو بن العاص فزعاً يرجع حتى دخل على معاوية، فقال له معاوية: ما شأنك؟ فقال: قتل عمار، فقال معاوية: قتل عمار فماذا؟ قال عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: تقتلك الفئة الباغية فقال له معاوية دحضت في بولك، أونحن قتلناه، إنما قتله علي وأصحابه، جاؤا به حتى ألقوه بين رماحنا، أو قال بين سيوفنا . وفي رواية صحيحة أيضاً: جاء رجلان عند معاوية يختصمان في رأس عمار يقول كل واحد منهما: أنه قتلته، فقال عبد الله بن عمرو بن العاص: ليطلب به أحدكما نفساً لصاحبه، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول" تقتله الفئة الباغية. قال معاوية: فما بالك معنا؟ قال: إن أبي شكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أطع أباك ما دام حياً ولا تعصه. فأنا معكم ولست أقاتل . من الروايات السابقة نلاحظ أن الصحابي الفقيه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما حريص على قول الحق، والنصح، فقد رأى أن معاوية وجنده، هم الفرقة الباغية لقتلهم عماراً، فقد تكرر منه هذا الاستنكار في مناسبات مختلفة، ولا شك أن مقتل عمار رضي الله عنه قد أثر في أهل الشام بسبب هذا الحديث، إلا أن معاوية رضي الله عنه أول الحديث تأويلاً غير مستساغ ولا يصح في أن الذين قتلوا عمار هم الذين جاءوا به إلى القتال ، وقد أثر مقتل عمار كذلك على عمرو بن العاص، بل كان استشهاد عمار دافعاً لعمرو بن العاص للسعي لإنهاء الحرب ، وقد قال رضي الله عنه: وددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة ، وقد جاء في البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نحمل لبنة لبنة وعمّار لبنتين لبنتين، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم، فينفض التراب عنه ويقول: ويح عمّار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار. قال عمّار: أعوذ بالله من الفتن ، وقال ابن عبد البر: تواترت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تقتل عمار الفئة الباغية، وهذا من إخباره بالغيب وأعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، وهو من أصح الأحاديث ، وقال الذهبي بعد ما ذكر الحديث: وفي الباب عن عدة من الصحابة، فهو متواتر .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق