إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 26 مايو 2014

35 عمر بن عبد العزيز ( معالم التجديد والاصلاح الراشدى ) على منهاج النبوة الفصل الأول : معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه من مولده حتى نهاية عهد الخلافة الراشدة المبحث الثاني : الأمويون ومعاوية في عهد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم: ثالثاً : معاوية رضي الله عنه في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه: 6 ـ عبد الله بن قيس قائد الأسطول الإسلامي في الشام:


35

عمر بن عبد العزيز ( معالم التجديد والاصلاح الراشدى ) على منهاج النبوة

الفصل الأول : معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه من مولده حتى نهاية عهد الخلافة الراشدة

المبحث الثاني : الأمويون ومعاوية في عهد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم:

ثالثاً : معاوية رضي الله عنه في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه:

6 ـ عبد الله بن قيس قائد الأسطول الإسلامي في الشام:

استعمل معاوية بن أبي سفيان على البحر عبد الله بن قيس الجاسيّ حليف بني فزارة فغزا خمسين غزاة ما بين شاتية، وصائفة في البحر، ولم يغرق فيه أحد، ولم ينكب، وكان يدعو الله أن يرزقه الله العافية في جنده، وألا يبتليه بمصاب أحد منهم، ففعل، حتّى إذا أراد أن يصيبه وحده، خرج في قاربه طليعة، فانتهى إلى المرفأ من أرض الروم وعليه سُؤَّال يعترّون   بذلك المكان، فتصدق عليهم، فرجعت امرأة من السُّوَّال إلى قريتها، فقالت للرجال : هل لكم في عبد الله بن قيس ؟ قالوا وأين هو ؟ قالت : في المرفأ، قالوا : أي عدوّة الله، ومن أين تعرفين عبد الله بن قيس ؟ فوبّختهم، وقالت : أنتم أعجز من أن يخفى عبد الله على أحد فساروا إليه، فهجموا عليه، فقاتلوه، وقاتلهم، فأصيب وحده، وأفلت الملاح حتى أتى أصحابه، فجاؤوا حتى أرقوا، والخليفة منهم سفيان بن عوف الأزدي، فخرج فقاتلهم، فضجر وجعل يعبث بأصحابه، ويشتمهم، فقالت جارية عبد الله : وا عبد الله ما هكذا كان يقول حين يقاتل! فقال سفيان : وكيف كان يقول؟ قالت : الغمرات ثم ينجلينا وأصيب في المسلمين يومئذ، وذلك آخر زمان عبد الله بن قيس: الجاسيِّ ، وقيل لتلك المرأة التي استشارت الروم على عبد الله بن قيس: كيف عرفته؟ قالت: كان كالتَّاجر، فلمّا سألته، أعطاني كالملك، فعرفت أنه عبد الله بن قيس . وهكذا حينما أراد الله تعالى أن يمنىَّ بالشهادة على هذا القائد العظيم أتيحت له وهو في وضع لا يضرُّ بسمعة المسلمين البحرية، حيث كان وحده يتطلع ويراقب الأعداء فكانت تلك الكائنة الغريبة التي أبصرت غورها تلك المرأة الَّذكَّية من نساء تلك البلاد، حيث رأت ذلك الرَّجل يظهر من مظاهر الخارجَّية بمظهر التُّجار العاديين، ولكنَّه يعطي عطاء الملوك، فلقد رأت فيه أمارات السِّيادة مع بساطة مظهره فعرفت: أنه قائد المسلمين، الذي دوّخ المحاربين في تلك البلاد، وهكذا كانت نسمات ذلك القائد وسخاؤه البارز حتى مع غير المسلمين في كشف أمره، ومعرفة مركزه، ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، فيتمَّ بذلك الهجوم عليه، وظفرْ بالشهادة، وهكذا يضرب قادة المسلمين المُثُل العليا بأنفسهم، لتتمَّ الإنجازات الكبرى على أيديهم، وليكونوا قدوة صالحة لمن يخلفهم، فقد قام هذا القائد الملهم بهمّة الاستطلاع بنفسه، ولم يكل الأمر إلى جنوده، وفي انفراده بهذه المهمة مظنة للتورط مع الأعداء، والهلاك على أيديهم، ولكنه مع ذلك يغامر بنفسه، فيتولىَّ هذه المهمة، ثمّ نجده يتخلفَّ بأخلاق الإسلام العليا حتى مع نساء الأعداء، وضعفتهم فيمدُ لهم يد الحنان، والعطف، ويسخو لهم بالمال الذي هو من أعزِّ ما يملك الناس، ونجدة قبل ذلك مع جنده رفيقاً صبوراً، ولا معنِّفاً، ولا مستكبراً، وإذا ادلهمِّت الخطوب، تفان بانكشاف الغّمة، ولم يجأ إلى لوم أصحابه، وتعنيفهم، ولم يهيمن عليه الارتباك الذي يفسد العمل، ويعجِّل بالخلل، والفوضى، وأمَّا خليفته سفيان الأزديَّ، فلعلهَّ وقع فيما وقع فيه من الإرتباك، والاشتغال بطرح اللائمة على جنده لكونه حديث العهد بأمور القيادة، ولكن مَّما يُحفظ له: أنَّه لما نبَّهته جارية عبد الله بن قيس إلى ذلك الأسلوب الحكيم الذي كان أميره ينتهبه في القيادة سارع في التأسي به في ذلك، ولم يحمله التكبُّر على عدم سماع كلمة الحقِّ، وإن صدرت من جارية مغمورة. وهذا مثل من أمثلة التجرد من هوى النفس، هذا الخلق العظيم الذي كان غالباً في الجيل الأوَّل، وبه تمّ إنجاز الفتوحات العظيمة، ونجاح الولاة، والقادة في إدارة أمور الأمة، فلله درُّ أبناء ذلك الجيل: ما أبلغ ذكرهم وما أبعد نحورهم! وما أعظم وطأتهم في الأرض على الجبارين أو ما أعذب لمساتهم في الأرض عل المستضعفين والمساكين .

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق