3602
البداية والنهاية ( ابن كثير )
ابن النجا الواعظ
علي بن إبراهيم بن نجا زين الدين أبو الحسن الدمشقي، الواعظ الحنبلي، قدم بغداد فتفقه بها وسمع الحديث ثم رجع إلى بلده دمشق، ثم عاد إليها رسولاً من جهة نور الدين في سنة أربع وستين، وحدث بها، ثم كانت له حظوة عند صلاح الدين، وهو الذي نم على عمارة اليمني وذويه فصلبوا، وكانت له مكانة بمصر، وقد تكلم يوم الجمعة التي خطب فيها بالقدس بعد الفراغ من الجمعة، وكان وقتاً مشهوداً، وكان يعيش عيشاً أطيب من عيش الملوك في الأطعمة والملابس، وكان عنده أكثر من عشرين سرية من أحسن النساء، كل واحدة بألف دينار، فكان يطوف عليهن ويغشاهن وبعد هذا كله مات فقيراً لم يخلف كفناً، وقد أنشد وهو على منبره للوزير طلائع بن زريك:
مشيبك قد قضى شرخ الشباب * وحل الباز في وكر الغراب
تنام ومقلة الحدثان يقظى * وما ناب النوائب عنك ناب
فكيف بقاء عمرك وهو كنز * وقد أنفقت منه بلا حساب؟
الشيخ أبو البركات (محمد بن أحمد بن سعيد التكريتي) يعرف بالمؤيد، كان أديباً شاعراً. ومما نظمه في الوجيه النحوي حين كان حنبلياً فانتقل حنفياً، ثم صار شافعياً، نظم ذلك في حلقة النحو بالنظامية فقال:
ألا مبلغا عني الوجيه رسالة * وإن كان لا تجدي لديه الرسائل
تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل * وذلك لما أعوزتك المآكل
وما اخترت قول الشافعي ديانة * ولكنما تهوى الذي هو حاصل
وعما قليل أنت لا شك صائر * إلى مالك فانظر إلى ما أنت قائل؟
الست الجيلية زمرد خاتون (ج/ص: 13/44)
أم الخليفة الناصر لدين الله زوجة المستضيئ، كانت صالحة عابدة كثيرة البر والإحسان والصلات والأوقاف، وقد بنت لها تربة إلى جانب قبر معروف، وكانت جنازتها مشهورة جداً، واستمر العزاء بسببها شهراً، عاشت في خلافة ولدها أربعاً وعشرين سنة نافذة الكلمة مطاعة الأوامر.
وفيها: كان مولد الشيخ شهاب الدين أبي شامة، وقد ترجم نفسه عند ذكر مولده في هذه السنة في الذيل ترجمة مطولة، فينقل إلى سنة وفاته، وذكر بدو أمره واشتغاله ومصنفاته وشيئاً كثيراً من شعاره، وما رئي له من المنامات المبشرة.
وفيها: كان ابتداء ملك جنكيز خان ملك التتار، عليه من الله ما يستحقه، وهو صاحب الباسق وضعها ليتحاكموا إليها - يعني التتار ومن معهم من أمراء الترك - ممن يبتغي حكم الجاهلية - وهو والد تولى، وجد هولاكو بن تولى - الذي قتل الخليفة المستعصم وأهل بغداد في سنة ست وخمسين وستمائة كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في موضعه. والله سبحانه وتعالى أعلم.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق