إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 28 مايو 2015

3653 البداية والنهاية ( ابن كثير ) وقد حكى أبو المظفر‏:‏


3653

البداية والنهاية ( ابن كثير )

وقد حكى أبو المظفر‏:‏


أنه حضر يوماً عنده الجمعة وكان الشيخ عبد الله البوتاني حاضراً الجمعة أيضاً عنده، فلما انتهى في خطبته إلى الدعاء للسلطان قال‏:‏

اللهم اصلح عبدك الملك العادل سيف الدين أبا بكر بن أيوب، فلما قال ذلك نهض الشيخ عبد الله البوتاني وأخذ نعليه وخرج من الجامع وترك صلاة الجمعة، فلما فرغنا ذهبت إلى البوتاني فقلت له‏:‏ ماذا نقمت عليه في قوله‏؟‏ فقال يقول لهذا الظالم العادل‏؟‏ لا صليت معه، قال فبينما نحن في الحديث إذ أقبل الشيخ أبو عمر ومعه رغيف وخيارتان فكسر ذلك الرغيف وقال الصلاة، ثم قال‏:‏

قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏‏(‏بعثت في زمن الملك العادل كسرى‏)‏‏)‏ فتبسم الشيخ عبد الله البوتاني ومد يده فأكل، فلما فرغوا قام الشيخ أبو عمر فذهب، فلما ذهب قال لي البوتاني‏:‏ يا سيدنا ماذا إلا رجل صالح‏.‏

قال أبو شامة‏:‏ كان البوتاني من الصالحين الكبار، وقد رأيته وكانت وفاته بعد أبي عمر بعشر سنين فلم يسامح الشيخ أبا عمر في تساهله مع ورعه، ولعله كان مسافراً والمسافر لا جمعة عليه، وعذر الشيخ أبي عمر أن هذا قد جرى مجرى الأعلام العادل الكامل الأشرف ونحوه، ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/72‏)‏

كما يقال سالم وغانم ومسعود ومحمود، وقد يكون ذلك على الضد والعكس في هذه الأسماء، فلا يكون سالماً ولا غانماً ولا مسعوداً ولا محموداً، وكذلك اسم العادل ونحوه من أسماء الملوك وألقابهم، والتجار وغيرهم، كما يقال شمس الدين وبدر الدين وعز الدين وتاج الدين ونحو ذلك قد يكون معكوساً على الضد والانقلاب ومثله الشافعي والحنبلي وغيرهم‏.‏

وقد تكون أعماله ضد ما كان عليه إمامه الأول من الزهد والعبادة ونحو ذلك، وكذلك العادل يدخل إطلاقه على المشترك والله اعلم‏.‏

قلت‏:‏ هذا الحديث الذي احتج به الشيخ أبو عمر لا أصل له، وليس هو في شيء من الكتب المشهورة، وعجباً له ولأبي المظفر ثم لأبي شامة في قبول مثل هذا وأخذه منه مسلماً إليه في والله أعلم‏.‏

ثم شرع أبو المظفر في ذكر فضائل أبي عمر ومناقبه وكراماته وما رآه هو وغيره من أحواله الصالحة‏.‏

قال وكان على مذهب السلف الصالح سمتاً وهدياً، وكان حسن العقيدة متمسكاً بالكتاب والسنة والآثار المروية يمرها كما جاءت من غير طعن على أئمة الدين وعلماء المسلمين، وكان ينهى عن صحبة المتبدعين ويأمر بصحبة الصالحين الذين هم على سنة سيد المرسلين وخاتم النبيين، وربما أنشدني لنفسه في ذلك‏:‏

أوصيكم بالقول في القرآن * بقول أهل الحق والإتقان

ليس بمخلوق ولا بفان * لكن كلام الملك الديان

آياته مشرقة المعاني * متلوة للـه باللسـان

محفوظةً في الصدر والجنان * مكتوبةٌ في الصحف بالبنان

والقول في الصفات يا إخواني * كالذات والعلم مع البيان

إمرارها من غير ما كفران * من غير تشبيهٍ ولا عطلان

قال وأنشدني لنفسه‏:‏

ألم يك ملهاة عن اللهو أنني * بدا لي شيب الرأس والضعف والألم

ألم بي الخطب الذي لو بكيته * حياتي حتى يذهب الدمع لم ألم

قال ومرض أياماً فلم يترك شيئاً مما كان يعمله من الأوراد، حتى كانت وفاته وقت السحر في ليلة الثلاثاء التاسع والعشرين من ربيع الأول فغسل في الدير وحمل إلى مقبرته في خلق كثير لا يعلمهم إلا الله عز وجل، ولم يبق أحد من الدولة والأمراء والعلماء والقضاة وغيرهم إلا حضر جنازته‏.‏

وكان يوماً مشهوداً وكان الحر شديداً فأظلت الناس سحابة من الحر، كان يسمع منها كدوي النحل، وكان الناس ينتهبون أكفانه وبيعت ثيابه بالغالي الغالي، ورثاه الشعراء بمراثي حسنة، ورؤيت له منامات صالحة رحمه الله‏.‏

وترك من الأولاد ثلاثة ذكور‏:‏ عمر، وبه كان يكنى، والشرف عبد الله وهو الذي ولي الخطابة بعد أبيه، وهو والد العز أحمد‏.‏ وعبد الرحمن‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/73‏)‏

ولما توفي الشرف عبد الله صارت الخطابة لأخيه شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر، وكان من أولاد أبيه الذكور، فهؤلاء أولاده الذكور، وترك من الإناث بنات كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً‏}‏ ‏[‏التحريم‏:‏5‏]‏ قال وقبره في طريق مغارة الجوع في الزقاق المقابل لدير الحوراني رحمه الله وإيانا‏.‏




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق