إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 28 مايو 2015

3687 البداية والنهاية ( ابن كثير ) الوجيه الأعمى



3687


البداية والنهاية ( ابن كثير )

 الوجيه الأعمى

أبو بكر المبارك بن سعيد بن الدهان النحوي الواسطي الملقب بالوجيه، ولد بواسط وقدم بغداد فاشتغل بعلم العربية فأتقن ذلك وحفظ شيئاً من أشعار العرب، وسمع الحديث وكان حنبلياً ثم انتقل إلى مذهب أبي حنيفة، ثم صار شافعياً وولي تدريس النحو بالنظامية، وفيه يقول الشاعر‏:‏

فمن مبلغ عني الوجيه رسالةً * وإن كان لا تجدي إليه الرسائل

تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل * وذلك لما أعوزتك المآكل

وما أخذت برأي الشافعي ديانة * ولكنما تهوى الذي هو حاصل‏(‏ج/ص‏:‏ 13/84‏)‏

وعما قليل أنت لا شك صائر * إلى مالك فانظر إلى ما أنت قائل

وكان يحفظ شيئاً كثيراً من الحكايات والأمثال والملح، ويعرف العربية والتركية والعجمية والرومية والحبشية والزنجية، وكانت له يد طولى في نظم الشعر‏.‏ فمن ذلك قوله‏:‏

ولو وقفت في لجة البحر قطرةٌ * من المزن يوماً ثم شاء لما زها

ولو ملك الدنيا فأضحى ملوكها * عبيداً له في الشرق والغرب مازها

وله في التجنيس‏:‏

أطلت ملامي في اجتنابي لمعشر * طغام لئام جودهم غير مرتجى

حموا ما لهم والدين والعرض منهم * مباح فما يخشون من عاب أو هجا

إذا شرع الأجواد في الجود منهجاً * لهم شرعوا في البخل سبعين منهجا

وله مدائح حسنة وأشعار رائقة ومعاني فائقة، وربما عارض شعر البحتري بما يقاربه ويدانيه، قالوا وكان الوجيه لا يغضب قط، فتراهن جماعة مع واحد أنه إن أغضبه كان له كذا وكذا، فجاء إليه فسأله عن مسألة في العربية فأجابه فيها بالجواب، فقال له السائل‏:‏

أخطأت أيها الشيخ، فأعاد عليه الجواب بعبارة أخرى، فقال‏:‏ كذبت وما أراك إلا قد نسيت النحو، فقال الوجيه‏:‏ أيها الرجل فلعلك لم تفهم ما أقول لك، فقال بلى ولكنك تخطيء في الجواب، فقال له‏:‏

فقل أنت ما عندك لنستفيد منك، فأغلظ له السائل في القول فتبسم ضاحكاً وقال له‏:‏ إن كنت راهنت فقد غلبت، وإنما مثلك مثل البعوضة - يعني الناموسة - سقطت على ظهر الفيل، فلما أرادت أن تطير قالت له استمسك فإني أحب أن أطير، فقال لها الفيل‏:‏ ما أحسست بك حين سقطت، فما أحتاج أن أستمسك إذا طرت، كانت وفاته رحمه الله في شعبان منها ودفن بالوردية‏.‏




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق