إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 مايو 2015

3714 البداية والنهاية ( ابن كثير ) ظهور جنكيز خان وعبور التتار نهر جيحون


3714

البداية والنهاية ( ابن كثير )

ظهور جنكيز خان وعبور التتار نهر جيحون

وفيها‏:‏ عبرت التتار نهر جيحون صحبة ملكهم جنكيز خان من بلادهم، وكانوا يسكنون جبال طمغاج من أرض الصين ولغتهم مخالفة للغة سائر التتار، وهم من أشجعهم وأصبرهم على القتال، وسبب دخولهم نهر جيحون أن جنكزخان بعث تجاراً له ومعهم أموال كثيرة إلى بلاد خوارزم شاه يبتضعون له ثياباً للكسوة فكتب نائبها إلى خوارزم شاه يذكر له ما معهم من كثرة الأموال‏.‏

فأرسل إليه بأن يقتلهم ويأخذ ما معهم، ففعل ذلك، فلما بلغ جنكزخان خبرهم أرسل يتهدد خوارزم شاه، ولم يكن ما فعله خوارزم شاه فعلاً جيداً‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/99‏)‏

فلما تهدده أشار من أشار على خوارزم شاه بالمسير إليهم، فسار إليهم وهم في شغل شاغل بقتال كشلي خان، فنهب خوارزم شاه أموالهم وسبى ذراريهم وأطفالهم، فأقبلوا إليه محروبين فاقتتلوا مع أربعة أيام قتالاً لم يسمع بمثله، أولئك يقاتلون عن حريمهم والمسلمون عن أنفسهم، يعملون أنهم متى ولوا استأصلوهم، فقتل من الفريقين خلق كثير، حتى أن الخيول كانت تزلق في الدماء، وكان من جملة من قتل من المسلمين نحواً من عشرين ألفاً، ومن التتار أضعاف ذلك‏.‏

ثم تحاجز الفريقان وولى كل منهم إلى بلاده ولجأ خوارزم شاه وأصحابه إلى بخارى وسمرقند فحصنها وبالغ في كثرة من ترك بها من المقاتلة، ورجع إلى بلاده ليجهز الجيوش الكثيرة فقصدت، التتار بخارى وبها عشرون ألف مقاتل فحاصرها جنكزخان ثلاثة أيام، فطلب منه أهلها الأمان فأمنهم ودخلها فأحسن السيرة فيهم مكراً وخديعة، وامتنعت عليه القلعة فحاصرها واستعمل أهل البلد في طم خندقها‏.‏

وكان التتار يأتون بالمنابر والربعات فيطرحونها في الخندق يطمونه بها ففتحوها قسراً في عشرة أيام، فقتل من كان بها‏.‏

ثم عاد إلى البلد فاصطفى أموال تجارها وأحلها لجنده فقتلوا من أهلها خلقاً لا يعلمهم إلا الله عز وجل، وأسروا الذرية والنساء، وفعلوا معهن الفواحش بحضرة أهليهن، فمن الناس من قاتل دون حريمه حتى قتل، ومنهم من أسر فعذب بأنواع العذاب، وكثر البكاء والضجيج بالبلد من النساء والأطفال والرجال، ثم ألقت التتار النار في دور بخارى ومدارسها ومساجدها فاحترقت حتى صارت بلاقع خاوية على عروشها‏.‏

ثم كروا راجعين عنها قاصدين سمرقند، وكان من أمرهم ما سنذكره في السنة الآتية‏.‏

وفي مستهل هذه السنة خرب سور بيت المقدس عمره الله بذكره، أمر بذلك المعظم خوفاً من استيلاء الفرنج عليه بعد مشورة من أشار بذلك، فإن الفرنج إذا تمكنوا من ذلك جعلوه وسيلة إلى أخذ الشام جميعه، فشرع في تخريب السور في أول يوم المحرم فهرب منه أهله خوفاً من الفرنج أن يهجموا عليهم ليلاً أو نهاراً، وتركوا أموالهم وأثاثهم وتمزقوا في البلاد كل ممزق، حتى قيل إنه بيع القنطار الزيت بعشرة دراهم والرطل النحاس بنصف درهم‏.‏

وضج الناس وابتهلوا إلى الله عند الصخرة، وفي الأقصى وهي أيضاً فعلة شنعاء من المعظم مع ما أظهر من الفواحش في العام الماضي، فقال بعضهم يهجو المعظم بذلك‏.‏

في رجب حلل الحميّـا * وأخرب القدس في المحـرمُ

وفيها‏:‏ استحوذت الفرنج على مدينة دمياط ودخولها بالأمان فغدروا بأهلها، وقتلوا رجالها وسبوا نساءها وأطفالها، وفجروا بالنساء وبعثوا بمنبر الجامع والربعات ورؤوس القتلى إلى الجزائر، وجعلوا الجامع كنيسة‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/100‏)‏

وفيها‏:‏ غضب المعظم على القاضي زكي الدين بن الزكي، وسببه أن عمته ست الشام بنت أيوب مرضت في دارها التي جعلتها بعدها مدرسة فأرسلت إلى القاضي لتوصي إليه، فذهب إليها بشهود معه فكتب الوصية كما قالت، فقال‏:‏ المعظم يذهب إلى عمتي بدون إذني، ويسمع هو والشهود كلامها ‏؟‏

واتفق أن القاضي طلب من جابي العزيزية حسابها وضربه بين يديه بالمقارع، وكان المعظم يبغض هذا القاضي من أيام أبيه، فعند ذلك أرسل المعظم إلى القاضي ببقجة فيها قباء وكلوتة، القباء أبيض والكاوتة صفراء‏.‏

وقيل بل كانا حمراوين مدرنين، وحلف الرسول عن السلطان ليلبسنهما ويحكم بين الخصوم فيهما، وكان من لطف الله أن جاءته الرسالة بهذا وهو في دهليز داره التي باب البريد، وهو منتصب للحكم، فلم يستطع إلا أن يلبسهما وحكم فيهما، ثم دخل داره واستقبل مرض موته‏.‏

وكانت وفاته في صفر من السنة الآتية بعدها، وكان الشرف بن عنين الزرعي الشاعر قد أظهر النسك والتعبد، ويقال‏:‏ إنه اعتكف بالجامع أيضاً فأرسل إليه المعظم بخمر ونرد ليشتغل بهما‏.‏ فكتب إليه ابن عنين‏:‏

يا أيهـا الملك المعظم سنـةً * أحدثتـها تبقى على الآبـادِ

تجري الملوك على طريقك بعدها * خلع القضاة وتحفة الزهـادِ

وهذا من أقبح ما يكون أيضاً، وقد كان نواب ابن الزكي أربعة‏:‏

شمس الدين بن الشيرازي إمام مشهد علي، كان يحكم بالمشهد بالشباك، وربما برز إلى طرف الرواق تجاه البلاطة السوداء‏.‏

وشمس الدين ابن سني الدولة، كان يحكم في الشباك الذي في الكلاسة تجاه تربة صلاح الدين عند الغزالية‏.‏

وكمال الدين المصري وكيل بيت المال كان يحكم في الشباك الكمالي بمشهد عثمان‏.‏

وشرف الدين الموصلي الحنفي كان يحكم بالمدرسة الطرخانية بجبرون، والله تعالى أعلم‏.‏




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق