2782
سِيَرُ أعْلام النبَلاء ( الإمام الذهبي )
131 - الحَجْرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُعَمَّرُ، المُقْرِئُ، المُجَوِّدُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ ذِي النُّوْنِ الرُّعَيْنِيُّ، الحَجْرِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، المَرِيِّيُّ، المَالِكِيُّ، الزَّاهِدُ، نَزِيْلُ سَبْتَة.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ (صَحِيْح مُسْلِم) مِنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ زُغَبْيَة.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ بنِ وَرد، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ مَوْهَب، وَلقِي أَبَا الحَسَنِ بنَ مُغِيْث -لقيه بقُرْطُبَة- وَأَبَا القَاسِمِ بن بَقِيٍّ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنِ مَكِّيّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ البِطْرَوْجِيّ -سَمِعَ مِنْهُ (سُنَن النَّسَائِيّ) عَالِياً- وَأَبَا بَكْرٍ ابْن العَرَبِيّ، وَأَبَا الحَسَنِ شُرَيحاً، وَتَلاَ عَلَيْهِ بِالسَّبْعِ، وَقرَأَ عَلَيْهِ (صَحِيْح البُخَارِيِّ) سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَعُنِي بِالحَدِيْثِ، وَتَقدَّم فِيْهِ.
قَالَ الأَبَّار: كَانَ غَايَة فِي الوَرَع وَالصَّلاَح وَالعدَالَة، وَلِي خطَابَة المَرِيَّة، وَدعِي إِلَى القَضَاء، فَأَبَى، وَلَمَّا تغلّب العَدُوّ، نَزح إِلَى مُرْسِيَة، وَضَاقت حَاله، فَتحوّل إِلَى فَاس، ثُمَّ إِلَى سَبْتَة، فَتصدّر بِهَا، وَبَعُد صِيْتُهُ، وَرَحَلَ إِلَيْهِ النَّاس، وَطُلِب إِلَى السُّلْطَانِ بِمَرَّاكش ليَأْخذ عَنْهُ، فَبقِي بِهَا مُدَّة، وَرجع، حَدَّثَنَا عَنْهُ عَالِم مِنَ الجُلَّة، سَمِعْتُ أَبَا الرَّبِيْع بن سَالِمٍ يَقُوْلُ:
صَادف وَقت وَفَاته قَحط، فَلَمَّا وُضِعت جِنَازَته، تَوسّلُوا بِهِ إِلَى اللهِ، فَسُقُوا، وَمَا اخْتلف النَّاسُ إِلَى قَبْره مدة الأُسْبُوْع إِلاَّ فِي الوحل.
قَالَ: وَهُوَ رَأْس الصَّالِحِيْنَ، وَرسيسُ الأَثْبَاتِ الصَّادقين، حَالَفَ عُمُره الوَرَع، وَسَمِعَ مِنَ العِلْمِ الكَثِيْر، وَأَسَمِع، وَكَانَ ابْن حُبَيشٍ شَيْخنَا كَثِيْراً مَا يَقُوْلُ: لَمْ تُخرِج المَرِيَّة أَفْضَل مِنْهُ، وَكَانَ زَمَاناً يُخْبِر أَنَّهُ يَموت فِي المُحَرَّم لرُؤْيَا رَآهَا، فَكَانَ كُلّ سَنَة يَتَهَيَّأَ، قَرَأْت عَلَيْهِ (صَحِيْح مُسْلِم) فِي سِتَّة أَيَّام وَكتباً، ثُمَّ سمَّاهَا. (21/253)
قُلْتُ: تَلاَ بِالسَّبْع أَيْضاً عَلَى: يَحْيَى بنِ الخَلُوْف، وَأَبِي جَعْفَرٍ بن البَاذش.
تَلاَ عَلَيْهِ: أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّارِّيّ، وَأَكْثَر عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ فَرْتُوْنَ: ظَهَرَتْ لأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عُبَيْدِ اللهِ كَرَامَات، حَدَّثَنَا شَيْخنَا الرَّاويَة مُحَمَّد بن الحَسَنِ بنِ غَاز، عَنْ بِنْت عَمّه -وَكَانَتْ صَالِحَة، وَكَانَتِ اسْتُحِيضَت مُدَّة- قَالَتْ:
حُدِّثْتُ بِمَوْتِ ابْن عُبَيْدِ اللهِ، فَشقّ عليّ أَنْ لاَ أَشْهَده، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ وَلياً مِنْ أَوليَائِك، فَأَمسِك عَنِّي الدَّم حَتَّى أُصَلِّي عَلَيْهِ، فَانقطع عَنِّي لوقتِهِ، ثُمَّ لَمْ أَره بَعْد.
قُلْتُ: وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ غَازِي المَذْكُوْر، وَأَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عيشُوْنَ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ اليَتيم الأَنْدَرَشِيّ، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ اليَحْصَبيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ الصَّفَّار القُرْطُبِيّ، وَشَرَف الدِّيْنِ مُحَمَّد بن عُبَيْدِ اللهِ المُرْسِيّ، وَأَبُو الخَطَّابِ بن دِحْيَة، وَأَخُوْهُ؛ أَبُو عَمْرٍو، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحْرِز الزُّهْرِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَانِ بن القَاسِمِ السَّرَّاج، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بن الفَخَّارِ الشَّرِيْشِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ فَطرَال، وَأَبُو الحَجَّاجِ يُوْسُف بن مُحَمَّدٍ الأَزْدِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن عَامِرٍ الطُّوْسِيّ -بِفَتح الطَّاء- وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ بن الجِرْجِ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الأَزْدِيّ الَّذِي بَقِيَ إِلَى سَنَةِ سِتِّيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ. (21/254)
أَخْبَرَنِي عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَنْصَارِيّ، أَخْبَرَنَا الحَافِظُ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ الحَجْرِيّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَقِيٍّ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ الرَّحْمَانِ البِطْرَوْجِيّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ الفَقِيْه، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا أَبُو عِيْسَى يَحْيَى بن عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا عَمّ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ بن يَحْيَى بنِ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْن عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِنَّ الَّذِي تَفُوْتُهُ صَلاَةُ العَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلهُ وَمَالهُ).
مَاتَ ابْنُ عُبَيْدِ اللهِ: فِي المُحَرَّم -وَقِيْلَ: فِي أَوَّلِ صفر- سَنَة إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَكَانَتْ جِنَازَته مَشْهُوْدَة بِسبتَة.
وَقِيْلَ: بَلْ وُلِدَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِ مائَةٍ. (21/255)
قَالَ طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدٍ: ثَلاَثَةٌ مِنْ أَعْلاَم المَغْرِب فِي هَذَا الشَّأْن: ابْن بَشْكُوَال، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَيْر، وَابْن عُبَيْدِ اللهِ.
وَقَالَ ابْنُ سَالِمٍ: إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُوْن، فَحِي هلاَ بِابْن عُبَيْدِ اللهِ.
وَقَالَ ابْنُ رشيد: كَانَ يجمعُ إِلَى الزُّهْد وَالحِفْظ المشَاركَة فِي أَنْوَاع مِنَ العِلْمِ -رَحِمَهُ الله-.
وَقَالَ ابْنُ رشيد: وَقِيْلَ: مَكَثَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً لاَ يَحضُر الجُمُعَة لعذرٍ بِهِ، ثُمَّ أَنْكَر ابْن رشيد هَذَا، وَقَالَ: لَمْ يَنقطع هَذِهِ المُدَّة كُلّهَا عَنِ الجُمُعَة.
قُلْتُ: كَأَنَّهُ انْقَطَع بَعْض ذَلِكَ لِكبره وَسنّه، وَكَانَ أَهْلُ سَبْتَة يَتغَالَوْنَ فِيْهِ، وَيَتبرّكُوْن برُؤْيته -رَحِمَهُ الله-. (21/256)
132 - المُجِيْرُ مَحْمُوْدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ عَلِيٍّ الوَاسِطِيُّ
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الأُصُوْلِيُّ، كَبِيْرُ الشَّافِعِيَّة، مُجِيْرُ الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ مَحْمُوْدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ عَلِيِّ بنِ المُبَارَكِ الوَاسِطِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
تَفَقَّهَ عَلَى: أَبِي مَنْصُوْرٍ الرَّزَّاز، وَغَيْرهِ.
وَأَخَذَ الكَلاَم عَنْ: أَبِي الفُتُوْح مُحَمَّد بن الفَضْلِ الإِسْفَرَايِيْنِيّ، وَعَبْد السَّيِّد الزَّيْتُوْنِيّ، وَبَرَعَ، وَتَقدّم، وَفَاق الأَقرَان، وَكَانَ يُضْرَبُ بذكَائِهِ المَثَل.
وُلِدَ: سَنَةَ 517.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ الحُصَيْن، وَالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَجَمَاعَة.
وَقَدِمَ دِمَشْق، فَدرّس، وَنَاظر، وَتَخَرَّجَ بِهِ الأَصْحَاب، ثُمَّ سَارَ إِلَى شيرَاز، فَدرّس بِهَا، وَبعَسْكَر مُكْرَمٍ، وَوَاسط، ثُمَّ دَرَّسَ بِالنّظَامِيَّةِ بِبَغْدَادَ، وَخلعَ عَلَيْهِ بِطرحَة، ثُمَّ بُعِثَ رَسُوْلاً إِلَى هَمَذَان، فَأَدْرَكه الأَجْل.
قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ: برع فِي الفِقْه حَتَّى صَارَ أَوحد زَمَانه، وَتَفَرَّد بِمَعْرِفَة الأُصُوْل، قَرَأْت عَلَيْهِ، وَمَا رَأَيْتُ أَجْمَع لفنُوْن العِلْم مِنْهُ، مَعَ حسن العبَارَة، نُفذ رَسُوْلاً إِلَى خُوَارِزْمشَاه، فَمَاتَ فِي طرِيقه بِهَمَذَانَ، فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيّ، وَابْن خَلِيْل، وَرَوَى ابْنُ النَّجَّارِ، عَنِ ابْنِ خَلِيْل، عَنْهُ.
وَقَالَ المُوَفَّق عَبْد اللَّطِيْفِ: كَانَ طُوَالاً، ذَكِيّاً، دقيق الفهم، غوَّاصاً عَلَى المَعَانِي، يَشتغل سرّاً بِالمنطق وَفنُوْنِ الحِكْمَة عَلَى أَبِي البَرَكَات صَاحِب (المعتبر)، وَكَانَ بَيْنَ المُجِيْر وَبَيْنَ ابْن فَضْلاَنَ مُنَاظَرَة كَمُحَارَبَة، وَكَانَ المُجِيْر يَقطعُهُ كَثِيْراً.
وَلَهُ بُنِيت بِدِمَشْقَ الجَارُوْخِيَّة. (21/257)
133 - ابْنُ فَضْلاَنَ يَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ الفَضْلِ البَغْدَادِيُّ
شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو القَاسِمِ يَحْيَى الوَاثِقُ بنُ عَلِيِّ بنِ الفَضْلِ بنِ هِبَة اللهِ بنِ بَرَكَةَ البَغْدَادِيُّ.
قَالَ لَهُ ابْن هُبَيْرَةَ: لاَ يَحسُنُ أَنْ تَكتب بخطّك إِلَى الخَلِيْفَة: الوَاثق، لأَنَّه لقَب خَلِيْفَة.
قَالَ: فَكَتَبتُ يَحْيَى.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سَمِعَ: أَبَا غَالِب ابْن البَنَّاءِ، وَإِسْمَاعِيْل بن السَّمَرْقَنْدِيّ، وَمِنْ أَبِي الفَضْلِ الأُرْمَوِيّ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ خَلِيْل فِي (مُعْجَمِهِ)، فَسَمَّاهُ وَاثقاً، وَابْنُ الدُّبَيْثِيّ، وَجَمَاعَة. (21/258)
وَكَانَ بارعاً فِي الخلاَف وَالنَّظَر، بَصِيْراً بِالقوَاعد، ذَكِيّاً، يَقظاً، لبِيْباً، عذب العبَارَة، وَجيهاً، مُعظَّماً، كَثِيْر التَلاَمِذَة، ارْتَحَلَ إِلَى ابْن يَحْيَى صَاحِب الغَزَّالِيّ مرَّتين، وَوَقَعَ فِي السَّفَرِ، فَانْكَسَرَ ذِرَاعه، وَصَارَت كفخذه، ثُمَّ أَدّته الضَّرُوْرَة إِلَى قطعهَا مِنَ المرفق، وَعَمِلَ محضراً بِأَنَّهَا لَمْ تُقطع فِي رِيْبَة.
فَلَمَّا نَاظر المُجِيْر مرَّة، وَكَانَ كَثِيْراً مَا يَنقطع فِي يَد المُجِيْر، فَقَالَ: يُسَافر أَحَدُهُم فِي قطع الطَّرِيْق، وَيدّعِي أَنَّهُ كَانَ يَشتغل، فَأَخْرَجَ ابْن فَضلاَن المحضر، وَأَخَذَ يُشنّع عَلَى المُجِيْر بِالفَلْسَفَة.
وَكَانَ ابْنُ فَضلاَن ظرِيف المُنَاظَرَة، ذَا نغمَاتٍ موزونَة، يَشير بِيَدِهِ بوزن مَطَرب أَنِيق، يَقِفُ عَلَى أَوَاخِر الكلم خوَفاً مِنَ اللحن.
قَالَهُ المُوَفَّق عَبْد اللَّطِيْفِ، ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ يُدَاعبنِي كَثِيْراً، ثُمَّ رُمِيَ بِالفَالِج فِي أَوَاخِرِ عُمُره -رَحِمَهُ الله-.
قُلْتُ: وَتَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى أَبِي مَنْصُوْرٍ الرَّزَّاز، وَتَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّة، وَسَمِعَ بِخُرَاسَانَ مِنْ: أَبِي الأَسْعَد القُشَيْرِيّ، وَعُمَر بن أَحْمَدَ ابْنِ الصَّفَّار.
درّس بِمَدْرَسَة دَار الذّهب، وَقَدْ تَلاَ بِالرِّوَايَات عَلَى مُحَمَّدِ ابْنِ العَالِمَة، وَكَانَ عَلَى دروسه إِخبَات وَجَلاَلَة.
مَاتَ: فِي شَعْبَان، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ. (21/259)
134 - ابْنُ كُلَيْبٍ عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الحَرَّانِيُّ
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الأَمِيْنُ، مُسْنِدُ العَصْرِ، أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ سَعْدِ بنِ صَدَقَةَ بنِ خَضِرِ بنِ كُلَيْبٍ الحَرَّانِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، التَّاجِرُ، الآجُرِّيُّ؛ لسكنَاهُ فِي درب الآجر.
وُلِدَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ خَمْس مائَة.
وَسَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ بن بَيَانٍ، وَأَبَا عَلِيٍّ بنَ نَبْهَانَ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ بَدْرَان، وَأَبَا عُثْمَانَ بن مَلَّة، وَأَبَا مَنْصُوْرٍ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ طَاهِر الخَازن، وَأَبَا الخَطَّاب الفَقِيْه، وَصَاعِد بن سَيَّار، وَنُوْر الهُدَى أَبَا طَالب الزَّيْنَبِيّ.
وَلقِي بِالإِجَازَةِ: أَبَا عَلِيٍّ ابْنَ المَهْدِيّ، وَأَبَا العِزِّ مُحَمَّد بن المُخْتَارِ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ البَاقِي الدُّوْرِيّ، وَأَبَا طَاهِرٍ بن يُوْسُفَ، وَالمُبَارَك بن الحُسَيْنِ الغسَّال، وَابْن بيَان، وَابْن نَبْهَانَ أَيْضاً.
وَلَهُ (مَشْيَخَة) مرويَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيّ، وَابْن خَلِيْل، وَابْن النَّجَّار، وَعُمَر بن بَدْرٍ، وَأَبُو مُوْسَى ابْن الحَافِظِ، وَاليَلْدَانِيّ، وَأَحْمَد بن سَلاَمَةَ الحَرَّانِيّ، وَمُحْيِي الدِّيْنِ ابْن الجَوْزِيّ، وَشَيْخ الشُّيُوْخ عَبْد العَزِيْزِ بن مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيّ، وَشَمْس الدِّيْنِ أَبُو المُظَفَّرِ سِبْط ابْن الجَوْزِيّ، وَابْن عَبْدِ الدَّائِمِ، وَالنَّجِيْب عَبْد اللَّطِيْفِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَبِالإِجَازَة: ابْن أَبِي اليُسْر، وَالقُطْب ابْن عصرُوْنَ، وَالخَضِر بن حَمُّوَيْه، وَأَحْمَد بن أَبِي الخَيْرِ، وَالعزّ عَبْد العَزِيْزِ بن الصَّيْقَلِ، وَمُحَمَّد بن أَبِي الدِّيْنَة. (21/260)
وَانتهَى إِلَيْهِ عُلُوّ الإِسْنَادِ، وَمتِّع بحوَاسّه وَذهنه، وَكَانَ صَبُوْراً، مُحِبّاً لِلرِّوَايَةِ.
دخل مِصْر مَعَ أَبِيْهِ، وَسَكَنَ دِمْيَاط مُدَّة، وَحَجّ سَبْع مَرَّاتٍ، وَفَاتته عرفَة فِي الثَّامِنَة، تَعوّق بِالبَحْر.
قَالَ المُنْذِرِيّ فِي (الوفِيَات): سَمِعْتُ قَاضِي القُضَاةِ أَبَا مُحَمَّدٍ الكِنَانِيّ، سَمِعْتُ ابْنُ كُلَيْبٍ يَقُوْلُ:
تَسَرَّيْتُ بِمائَة وَثَمَان وَأَرْبَعِيْنَ جَارِيَة.
قَالَ: وَكَانَ يُخَاصم أَوْلاَده فِي ذَلِكَ السِّنّ، فَيَقُوْلُ: اشترُوا لِي جَارِيَة.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَلحق الصّغَار بِالكِبَار، وَمُتِّع بصحّته، وَذهنه، وَحسن صُوْرته، وَحُمْرَةِ وَجهه، وَكَانَ لاَ يَملّ مِنَ السَّمَاع، كتب (جزء ابْن عَرَفَةَ) بِخَطِّهِ، وَلَهُ بِضْعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً بِخَطّ مَلِيح، وَحَدَّثَ بِهِ مِنْ لفظه، وَكَانَ مِنْ أَعيَان التُّجَّار، ذَا ثروَة وَاسِعَة، ثُمَّ تضعضع، وَاحتَاج إِلَى الأَخْذ، وَبَقِيَ لاَ يُحَدِّث (بِجُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ) إِلاَّ بدِيْنَار، وَكَانَ صَدُوْقاً، قَرَأْت عَلَيْهِ كَثِيْراً.
تُوُفِّيَ: لَيْلَة السَّابِع وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ. (21/261)
135 - جَاكِيْرُ مُحَمَّدُ بنُ دُشَمَ الكُرْدِيُّ
الزَّاهِدُ، مِنْ كِبَارِ مَشَايِخِ العِرَاقِ، صَاحِبُ أَحْوَالٍ وَتَأَلُّهٍ وَتَعَبُّدٍ، صَحِبَ الشَّيْخ عَلِيّاً الهِيْتِيَّ، وَغَيْرَهُ.
وَجَاكِيْر لقب، وَاسْمه: مُحَمَّد بن دُشَمَ الكُرْدِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، لَمْ يَتزوَّج، وَتُذكر عَنْهُ كَرَامَات، وَلَهُ زَاويَة كَبِيْرَة بقَرْيَة رَاذَان، عَلَى برِيْد مِنْ سَامَرَّاء.
وَجلس فِي المَشْيَخَة بَعْدَهُ أَخُوْهُ أَحْمَد، وَبعد أَحْمَد وَلده الغرسُ، وَبعد الغرس ابْنه مُحَمَّد. (21/262)
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق