إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 27 فبراير 2015

2912 سِيَرُ أعْلام النبَلاء ( الإمام الذهبي ) 256 - المَلِكُ الرَّحِيْمُ، أَبُو الفَضَائِلِ لُؤْلُؤٌ الأَرْمَنِيُّ النُّوْرِيُّ الأَتَابَكِيُّ


2912

سِيَرُ أعْلام النبَلاء ( الإمام الذهبي )

256 - المَلِكُ الرَّحِيْمُ، أَبُو الفَضَائِلِ لُؤْلُؤٌ الأَرْمَنِيُّ النُّوْرِيُّ الأَتَابَكِيُّ


السُّلْطَانُ، بَدْرُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَضَائِلِ لُؤْلُؤ الأَرْمَنِيُّ، النُّوْرِيُّ، الأَتَابَكِيُّ، مَمْلُوْكُ السُّلْطَانِ نُوْرِ الدِّيْنِ أَرْسَلاَن شَاه ابْنِ السُّلْطَانِ عِزّ الدِّيْنِ مَسْعُوْدِ بن مَوْدُوْدِ بنِ زِنْكِي بنِ أَقسُنْقُر صَاحِبِ المَوْصِلِ.
كَانَ مِنْ أَعزِّ مَمَالِيْكِ نُوْرِ الدِّيْنِ عَلَيْهِ، وَصَيَّرَهُ أُسْتَاذ دَارهِ وَأَمَّرَهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ، تَملَّك ابْنُه القَاهِرُ، وَفِي سَنَةِ وَفَاةِ الملكِ العَادلِ سلطنَ القَاهِرُ عزُّ الدِّيْنِ مَسْعُوْدٌ وَلَدَهُ، ومَاتَ -رَحِمَهُ اللهُ- فَنَهَضَ لُؤْلُؤٌ بِتَدبِيرِ المَمْلَكَةِ، وَالصَّبِيُّ وأَخوَه صُوْرَةٌ، وَهُمَا ابْنَا بِنْتِ مُظَفَّر الدِّيْنِ صَاحِبِ إِرْبِلَ، أقَامَهُمَا لُؤْلُؤ وَاحِداً بَعْد وَاحِدٍ، ثُم تَسَلطنَ هُو فِي سَنةِ ثَلاثينَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً حَازِماً مُدَبِّراً سَائِساً جَبَّاراً ظلُوْماً، وَمَعَ هَذَا فَكَانَ مُحَبَّباً إِلَى الرَّعِيَّةِ، فِيْهِ كَرمٌ وَرِئَاسَةٌ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ الرِّجَالِ شَكْلاً، وَكَانَ يَبذُلُ لِلْقُصَّادِ وَيُدَارِي وَيَتحرَّزُ وَيُصَانِعُ التَّتَارُ وَمُلُوْكَ الإِسْلاَمِ، وَكَانَ عَظِيْم الهَيْبَةِ، خَلِيْقاً لِلإِمَارَةِ. (23/357)

قَتَلَ عِدَّةَ أُمَرَاءٍ، وَقَطَعَ وَشَنَقَ وَهَذَّبَ مَمَالِك الجَزِيْرَةِ، وَكَانَ النَّاسُ يَتغَالَوْنَ وَيُسمَّونَه قَضِيبَ الذَّهَبِ، وَكَانَ كَثِيْرَ البحثِ عَنْ أَحْوَال رَعِيَّتِهِ، عَاشَ قَرِيْباً مِنْ تِسْعِيْنَ سَنَةً، وَوجهُهُ مُورَّدٌ وَقَامَتُهُ حَسَنَةٌ، يظنُّه مَنْ يَرَاهُ كَهْلاً، وَكَانَ يَحتفل لعيد الشّعَانِيْنَ لبقَايَا فِيْهِ مِنْ شعَار أَهْلِه، فَيمدّ سِمَاطاً عَظِيْماً إِلَى الغَايَةِ، وَيُحضر المغَانِي، وَفِي غُضونِ ذَلِكَ أَوَانِي الخُمُوْر، فَيفرح وَيَنثر الذَّهَبَ مِنَ القَلْعَةِ، وَيَتخَاطَفَهُ الرِّجَالُ، فَمُقِتَ لإِحيَاءِ شِعَارِ النَّصَارَى، وَقِيْلَ فِيْهِ:
يُعَظِّمُ أَعيَادَ النَّصَارَى مَحَبَّةً*وَيَزْعُمُ أَنَّ اللهَ عِيْسَى ابْنُ مَرْيَمِ
إِذَا نبَّهته نَخوَةٌ أَرِيحيَّةٌ*إِلَى المَجْدِ قَالَتْ: أَرْمَنِيَّتُهُ: نَمِ
وَقِيْلَ: إِنَّهُ سَارَ إِلَى خدمَةِ هُولاَكو، وَتَلَطَّفَ بِهِ، وَقَدَّمَ تُحَفاً جَلِيْلَةً، مِنْهَا جَوْهَرَةُ يَتيمَةٌ، وَطلبَ أَنْ يَضعهَا فِي أُذن هُولاَكو، فَاتَّكَأَ، فَفَرَكَ أُذُنَهُ، وَأَدخل الحَلْقَةَ فِي أُذُنِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بِلاَده مُتوليّاً مِنْ قِبَلِهِ، وَقرَّر عَلَيْهِ مَالاً يَحملُه، ثُمَّ مَاتَ فِي ثَالِثِ شَعْبَانَ، بِالمَوْصِلِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
فَلَمَّا مَاتَ، تَملَّكَ وَلدُهُ الملك الصَّالِح إِسْمَاعِيْلُ، وَتَزَوَّجَ بِابْنَةِ هُولاَكو، فَأَغضبهَا وَأَغَارهَا، وَنَازلتِ التَّتَارُ المَوْصِلَ، وَاسْتمرَّ الحصَارُ عَشْرَةَ أَشهرٍ، ثُمَّ أُخِذت، وَخَرَجَ إِلَيْهِم الصَّالِحُ بِالأَمَانِ، فَغدرُوا بِهِ، وَاستباحُوا المَوْصِلَ - فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ -.
وَبَدْرُ الدِّيْنِ مِمَّنْ كَمَّلَ الثَّمَانِيْنَ، وَكَانَ ابْنُهُ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيْلُ قَدْ سَارَ فِي العَامِ الَّذِي قُتل فِيْهِ إِلَى مِصْرَ، وَاسْتنجدَ بِالمُسْلِمِيْنَ، وَأَقْبَلَ فَالتَقَى العَدُوَّ بِنَصِيْبِيْنَ، فَهَزمَهُم، وَقَتَلَ مُقَدَّمَهُم إِيلكَا، فَتَنَمَّر هُولاَكو، وَبَعَثَ سندَاغو، فَنَازل المَوْصِل أَشْهُراً، وَجَرَى مَا لاَ يُعَبَّر عَنْهُ. (23/358)

257 - المُعَظَّمُ الحَلَبِيُّ، أَبُو المَفَاخِرِ تُوْرَانْشَاه بنُ يُوْسُفَ بنِ أَيُّوْبَ


المَلِكُ المُعَظَّمُ، أَبُو المَفَاخِرِ تُوْرَانْشَاه ابْنُ السُّلْطَانِ الكَبِيْرِ المُجَاهِدِ صلاَحِ الدُّنْيَا وَالدّينِ يُوْسُفَ بنِ أَيُّوْبَ، آخر مَنْ بَقِيَ مِنْ إِخْوَته.
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
فَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ: يَحْيَى الثَّفَقِيّ، وَابْنِ صَدَقَةَ الحَرَّانِيّ.
وَأَجَاز لَهُ: عَبْد اللهِ بن بَرِّيّ.
انتخبَ لَهُ شَيْخُنَا الدِّمْيَاطِيّ (جُزْءاً) سَمِعَهُ مِنْهُ هُوَ، وَسُنْقُر القَضَائِيّ، وَالقَاضِي شُقَيْر أَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ، وَالتَّاجُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ النَّصِيْبِيّ، وَجَمَاعَةٌ؛ سَمِعُوا مِنْهُ فِي حَال الاسْتقَامَةِ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَتَنَاوَل المُسكرَ.
وَكَانَ كَبِيْرَ آلِ بَيْتهِ، وَكَانَ السُّلْطَانُ الملكُ النَّاصِر يُوْسُفُ يَتَأَدَّبُ مَعَهُ وَيُجلّه لأَنَّه أَخُو جدّه، فَكَانَ يَتصرَّف فِي الخَزَائِنِ وَالمَمَالِيْكِ، وَقَدْ حضَرَ غَيْرَ مَصَافّ، وَكَانَ فَارِساً شُجَاعاً عَاقِلاً دَاهِيَةً، وَكَانَ مُقدّمَ العَسَاكِرِ الحَلَبيَّةِ مِنْ دَهْرٍ، وَهُوَ كَانَ المقدَّم يَوْمَ كسرهِ الخُوَارِزْمِيَّةَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ بِقُرْبِ الفُرَات، فَأُسِرَ يَوْمَئِذٍ مُثْخَناً بِالجرَاحِ، وَانْهَزَم أَصْحَابُهُ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ الملكُ الصَّالِحُ وَلدُ الملكِ الأَفْضَلِ عَلِيِّ ابْنِ صَلاَحِ الدِّيْنِ.
وَلَمَّا أَخَذَ هُولاَكو حَلَب، عَصَتْ قلعتُهَا وَبِهَا المُعَظَّم هَذَا، فَحمَاهَا، ثُمَّ سلَّمهَا بِالأَمَانِ، وَعجز عَنْهَا، وَلَمْ يَعِشْ بَعْدَهَا إِلاَّ أَيَّاماً.
مَاتَ: فِي أَوَاخِرِ رَبِيْعٍ الأَوّلِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِدِهليز ِدَارِهِ. (23/359)

258 - الظَّاهِرُ، غَازِي ابنُ العَزِيْزِ مُحَمَّدِ ابْنِ الظَّاهِرِ غَازِي


الملكُ الظَّاهِرُ غَازِي ابْنُ الملكِ العَزِيْزِ مُحَمَّدِ ابْنِ الظَّاهِرِ غَازِي أَخُو صَاحِبِ الشَّامِ الملكِ النَّاصِرِ يُوْسُفَ، يُلَقَّبُ سَيْفَ الدِّيْنِ، وَهُوَ شقيقُ النَّاصِرِ.
كَانَ شُجَاعاً جَوَاداً مَلِيْحَ الصُّوْرَةِ كَرِيْمَ الأَخْلاَقِ عَزِيزاً عَلَى أَخِيْهِ إِلَى الغَايَة، وَلَقَدْ أَرَادَ جَمَاعَةٌ مِنَ الأُمَرَاءِ العَزِيْزِيَّةِ القبضَ عَلَى النَّاصِرِ وَتَمليك هَذَا، فَشعر بِهِم السُّلْطَانُ، وَوقعت الوحشَةُ.
وَفِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ زَالت دَوْلَة النَّاصِرِ، وَفَارقَ غَازِي أَخَاهُ، فَاجْتَمَعَ بِغَزَّةَ عَلَى طَاعتِهِ البَحرِيَّةُ وَسلطنوهُ، فَدَهَمَهُم هُولاَكو، ثُمَّ اجْتَمَع الأَخَوَانِ وَدخلاَ البرِيَّةَ، وَتوجّهَا مَعاً إِلَى حتفِهمَا.
وَخلّف غَازِي وَلداً بَدِيْعَ الحُسْنِ، اسْمُهُ زُبالَةُ، وَأَمَةً جَارِيَةً اسْمُهَا وَجهُ القَمَرِ، فَتزوّجت بِأَيدغدِي العَزِيْزِيّ ثُمَّ بِالبيسرِيّ، وَمَاتَ زُبالَةُ بِمِصْرَ شَابّاً، وَقُتِلَ غَازِي صَبْراً مَعَ أَخِيْهِ بِأَذْرَبِيْجَانَ؛ فَذَكَرَ ابْنُ وَاصِلٍ أَنَّ هُولاَكو أَحضَرَ النَّاصِر وَأَخَاهُ، وَقَالَ: أَنْتَ قُلْتَ:
مَا فِي البِلاَد أَحَدٌ، وَإِنَّ مَنْ فِيْهَا فِي طَاعتِكَ حَتَّى غررت بِالمغل؟
فَقَالَ: أَنَا فِي تورِيزَ فِي قبضَتِكَ، كَيْفَ يَكُوْن لِي حُكم عَلَى مَنْ هُنَاكَ؟
فَرمَاهُ بِسَهْم، فَصَاح: الصَّنِيعَة يَا خوند.
فَقَالَ أَخُوْهُ: اسكت، تَقُوْلُ لِهَذَا الكَلْب هَذَا القَوْل، وَقَدْ حضَرتْ!
فَرمَاهُ هُولاَكو بِسَهْم آخر قضَى عَلَيْهِ، وَضُرِبَتْ عُنُقُ الظَّاهِر وَأَصْحَابِهِمَا. (23/360)

259 - شُعْلَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المَوْصِلِيُّ


الإِمَامُ، المُجَوِّدُ، الذّكيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حُسَيْنٍ المَوْصِلِيّ، الحَنْبَلِيّ، المُقْرِئُ، شُعْلَةُ، نَاظمُ (الشَّمْعَةِ فِي السَّبْعَةِ)، وَشَارحُ (الشَّاطبيَةِ) وَأَشيَاءَ.
تَلاَ عَلَى: عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الإِرْبِلِيّ، وَلَهُ نَظْمٌ فِي غَايَة الاختصَارِ وَنِهَايَةِ الجَوْدَةِ، وَكَانَ صَالِحاً خَيِّراً تَقيّاً مُتَوَاضِعاً.
حَدَّثَنِي تَقِيّ الدِّيْنِ أَبُو بَكْرٍ المقصَّاتِي: سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ:
كَانَ شُعْلَةُ نَائِماً إِلَى جَنبِي، فَاسْتيقظَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ الآنَ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَطلبتُ مِنْهُ العِلْمَ، فَأَطعمنِي تَمرَاتٍ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ: فَمِنْ ذَلِكَ الوَقْت فُتِحَ عَلَيْهِ، وَكَانَ المقصَّاتِي قَدْ جلسَ إِلَى شُعْلَةَ، وَسَمِعَ بُحوثَهُ، فَقَالَ لِي: تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَاشَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً. (23/361)

260 - الفَاسِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ حَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ


شَيْخُ القُرَّاءِ، العَلاَّمَةُ، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ حَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفَاسِيُّ، مصَنّفُ (شرحِ الشَّاطبيَةِ).
أَخَذَ القِرَاءاتِ عَنِ: ابْنِ عِيْسَى، وَأَصْحَابِ الشَّاطِبِيّ، وَالقَاضِي بَهَاءِ الدِّيْنِ ابْنِ شَدَّادٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَتَفَقَّهَ لأَبِي حَنِيْفَةَ، وَكَانَ رَأْساً فِي القِرَاءاتِ وَالنَّحْوِ، دَيِّناً صَيِّناً وَقُوْراً متثبِّتاً، مَلِيْحَ الخَطِّ.
أَخَذَ عَنْهُ: بَدْرُ الدِّيْنِ البَاذقِيُّ، وَبَهَاءُ الدِّيْنِ ابْن النَّحَّاسِ، وَحُسَيْنُ بنُ قَتَادَةَ الشَّرِيْفُ، وَالشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ بنُ رفيعَا الجَزَرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَاسْتَوْطَنَ حَلَبَ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً. (23/362)


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق