2772
سِيَرُ أعْلام النبَلاء ( الإمام الذهبي )
81 - ابْنُ الصَّابُوْنِيِّ أَبُو الفَتْحِ مَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ المَحْمُوْدِيُّ
الإِمَامُ، بَقِيَّةُ المَشَايِخِ، أَبُو الفَتْحِ مَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ المَحْمُوْدِيُّ، الجَعْفَرِيُّ، ابْنُ الصَّابُوْنِيِّ.
نُسبَ إِلَى جَدِّ وَالِدتِه شَيْخِ الإِسْلاَمِ أَبِي عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيِّ الصُّوْفِيِّ المُقْرِئِ، وَكَانَ يَسكنُ بِالجَعْفَرِيّةِ بِبَغْدَادَ، فَنُسِبَ إِلَيْهَا.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْس مائَة تَقَرِيْباً.
وَتَلاَ بِالرِّوَايَات عَلَى: أَبِي العِزِّ القَلاَنسِيِّ.
وَسَمِعَ: هِبَةَ اللهِ بنَ الحُصَيْنِ، وَجَمَاعَةً.
وَصَحِبَ حَمَّاداً الدَّبَّاسَ، وَعَلِيَّ بنَ مَهْدِيٍّ البَصْرِيَّ، وَكَانَ لَهُ زَاوِيَةٌ بِبَغْدَادَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَلَم الدِّيْنِ، وَابْن المُفَضَّلِ الحَافِظ، وَطَائِفَة. (21/164)
وَكَانَ يُلَقَّبُ: جَمَال الدِّيْنِ.
وَقِيْلَ لِجدِّه عَلِيّ بن أَحْمَدَ: المَحْمُوْدِيّ، لاتِّصَالِه بِالسُّلْطَانِ مَحْمُوْدٍ السَّلْجُوْقِيِّ.
قَدِمَ أَبُو الفَتْحِ، فَزَارَهُ نُوْرُ الدِّيْنِ، وَسَأَلَهُ الإِقَامَةَ بِدِمَشْقَ، فَقَالَ: قصدِي زِيَارَة ضَرِيْحِ الشَّافِعِيِّ، فَجَهَّزَهُ سَنَة بِضْع وَسِتِّيْنَ، فِي صُحْبَة الأَمِيْر نَجْم الدِّيْنِ أَيُّوْب، وَصَارَ صديقاً لَهُ، فَكَانَ وَلدَاهُ السُّلْطَانَان صَلاَح الدِّيْنِ وَسَيْفُ الدِّيْنِ يَحْتَرِمَانِ أَبَا الفَتْحِ، وَيَرْعيَانِهِ.
وَبَعَثَ الشَّيْخُ عُمَرُ المَلاَّء زَاهِدُ المَوْصِلِ إِلَى أَبِي الفَتْحِ هَذَا يَطلُبُ مِنْهُ الدُّعَاء.
مَاتَ: فِي شَعْبَان، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ. (21/165)
82 - ابْنُ الصَّاحِبِ مَجْدُ الدِّيْنِ هِبَةُ اللهِ
المَوْلَى الكَبِيْرُ، مَجْدُ الدِّيْنِ، هِبَةُ اللهِ ابْنُ الصَّاحِبِ أُسْتَاذِ دَارِ المُسْتَضِيْءِ.
أَحَدُ مَنْ بَلَغَ أَعْلَى الرُّتَبِ، وَصَارَ يُوَلِّي، وَيَعزل، وَأَظهر الرّفض، ثُمَّ وَلِي حجَابَة بَاب النُّوْبِيِّ، وَلَمْ يَزَلْ فِي ارْتقَاءٍ حَتَّى قُتِلَ، وَعُلِّقَ رَأْسُهُ بِبَغْدَادَ.
خَلَّفَ تَركَة ضَخْمَةً فِيْهَا مِنَ العَيْن أَلف أَلف دِيْنَار، وَمِنَ الفِضَّة جُمْلَةً، وَمِنَ الأَمتعَة وَالعقَارِ مَا لاَ يُوْصَفُ، فَتركت الأَملاَكُ لأَوْلاَدِهِ.
طُلِبَ إِلَى دَارِ الخِلاَفَةِ، فَوَثَبَ عَلَيْهِ الشّحنَةُ يَاقُوْتٌ فِي الدِّهْلِيْزِ، فَقَتَلَهُ، وَكَانَ قَدْ تَمرَّدَ، وَسَفَكَ الدِّمَاءَ، وَسَبَّ الصَّحَابَةَ، وَعَزَمَ عَلَى قَلْبِ الدَّوْلَةِ، فَقَصَمَهُ اللهُ. (21/166)
83 - ابْنُ مُنْقِذٍ أَبُو المُظَفَّرِ أُسَامَةُ بنُ مُرْشِدِ بنِ عَلِيٍّ الكِنَانِيُّ
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، العَلاَّمَةُ، فَارِسُ الشَّامِ، مَجْدُ الدِّيْنِ، مُؤَيِّدُ الدَّوْلَةِ، أَبُو المُظَفَّرِ أُسَامَةُ ابْنُ الأَمِيْرِ مُرْشِدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُقَلَّدِ بنِ نَصْرِ بنِ مُنْقِذٍ الكِنَانِيُّ، الشَّيْزَرِيُّ.
وُلِدَ: بِشَيْزَرَ، سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ 499 نُسْخَةَ أَبِي هُدْبَة مِنْ عَلِيِّ بنِ سَالِمٍ السِّنْبِسِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْن السَّمْعَانِيّ، وَأَبُو المَوَاهِبِ، وَالحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، وَالبَهَاء عَبْد الرَّحْمَانِ، وَابْنه؛ الأَمِيْر مرهف، وَعَبْد الصَّمَدِ بن خَلِيْل الصَّائِغ، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن أَبِي سُرَاقَة، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الكَافِي الصَّقَلِّيّ.
وَلَهُ نَظْمٌ فِي الذِّرْوَةِ كَأَبِيْهِ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: ذُكِرَ لِي أَنَّهُ يَحفظُ مِنْ شعر الجَاهِلِيَّة عَشْرَة آلاَف بَيْت.
قُلْتُ: سَافر إِلَى مِصْرَ: وَكَانَ مِنْ أُمرَائِهَا الشِّيْعَة، ثُمَّ فَارقهَا، وَجَرَتْ لَهُ أُمُوْر، وَحضر حُرُوْباً أَلّفهَا فِي مُجَلَّدٍ فِيْهِ عبر.
قَالَ يَحْيَى بنُ أَبِي طيء فِي (تَارِيْخِهِ): كَانَ إِمَامِيّاً، حسن العقيدَة، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يُدَارِي عَنْ منصبه، وَيُتَاقِي، وَصَنَّفَ كتباً مِنْهَا (التَّارِيْخ البَدْرِيّ)، وَلَهُ (دِيْوَان) كَبِيْر.
قُلْتُ: عَاشَ سَبْعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ بِدِمَشْقَ، فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ. (21/167)
وَلَهُ:
مَعَ الثَّمَانِيْنَ عَاثَ الضَّعْفُ فِي جَسَدِي*وَسَاءنِي ضَعْفُ رِجْلِي وَاضْطِرَابُ يَدِي
إِذَا كَتَبتُ فَخطِّي خطُّ مُضطَربٍ*كخطِّ مُرْتَعِشِ الكفَّيْنِ مُرْتَعِدِ
فَاعجَبْ لضَعْفِ يَدِي عَنْ حَمْلهَا قَلَماً*مِنْ بَعْدِ حَطْمِ القنَا فِي لبَّةِ الأَسَدِ
فَقُلْ لِمَنْ يَتَمَنَّى طولَ مُدَّتِه: *هَذِي عَواقِبُ طولِ العمر وَالمُدَدِ
وَمَاتَ ابْنُهُ الكَبِيْرُ عضد الدَّوْلَة مرهف بن أُسَامَةَ فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَسِتّ مائَةٍ، عَنْ ثَلاَث وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَلَهُ شعر رَائِق.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكِيّ المُنْذِرِيّ، وَالقوْصِيّ، وَجَمَعَ مِنَ الكُتُب مَا لاَ يُوْصَف. (21/168)
84 - الحَازِمِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ عُثْمَانَ بنِ حَازِمٍ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، النَّاقِدُ، النَسَّابَةُ، البَارِعُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ عُثْمَانَ بنِ حَازِمٍ الحَازِمِيُّ، الهَمَذَانِيُّ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي الوَقْت السِّجْزِيّ حُضُوْراً، وَلَهُ أَرْبَع سِنِيْنَ، وَسَمِعَ مِنْ: شَهْرَدَار بن شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِيّ، وَأَبِي زُرْعَةَ بن طَاهِرٍ المَقْدِسِيّ الحَافِظ، وَأَبِي العَلاَءِ العَطَّار، وَمَعْمَر بن الفَاخِرِ، وَأَبِي الحُسَيْنِ عَبْد الحَقِّ اليُوْسُفِيّ، وَعَبْد اللهِ بن الصَّمد العَطَّار، وَشُهْدَة الكَاتِبَة، وَأَبِي الفَضْلِ عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ خَطِيْب المَوْصِل، وَأَبِي طَالِبٍ مُحَمَّد بن عَلِيٍّ الكَتَّانِيّ الوَاسِطِيّ، وَمُحَمَّد بن طَلْحَةَ البَصْرِيّ المَالِكِيّ بِهَا، وَأَبِي العَبَّاسِ أَحْمَد بن يَنَال الترك، وَأَبِي الفَتْحِ عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ الخِرَقِيّ، وَأَبِي مُوْسَى مُحَمَّد بن أَبِي عِيْسَى المَدِيْنِيّ، وَأَقرَانهم بِالعِرَاقِ وَأَصْبَهَان وَالجَزِيْرَة وَالشَّام وَالحِجَاز.
وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَبَرَعَ فِي الحَدِيْثِ، خُصُوْصاً فِي النَّسَبِ، وَاسْتَوْطَنَ بَغْدَاد.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الدُّبَيْثِيّ: تَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ فِي مَذْهَب الشَّافِعِيّ، وَجَالَس العُلَمَاء، وَتَمَيَّزَ، وَفَهِم، وَصَارَ مِنْ أَحْفَظ النَّاس لِلْحَدِيْثِ وَلأَسَانِيْده وَرِجَاله، مَعَ زُهْد، وَتعبّد، وَرِيَاضَة، وَذِكْرٍ، صَنَّف فِي الحَدِيْثِ عِدَّة مُصَنَّفَات، وَأَملَى عِدَّة مَجَالِس، وَكَانَ كَثِيْرَ المَحْفُوْظ، حلو المذَاكرَة، يغلبُ عَلَيْهِ مَعْرِفَة أَحَادِيْثَ الأَحكَام، أَملَى طرق الأَحَادِيْث الَّتِي فِي (المُهَذَّب) لِلشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَسندهَا، وَلَمْ يُتِمَّه.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ النَّجَّار فِي (تَارِيْخِهِ): كَانَ الحَازِمِيُّ مِنَ الأَئِمَّةِ الحُفَّاظ، العَالِمِين بفقه الحَدِيْث وَمعَانِيه وَرِجَاله، أَلّف كِتَاب (النَّاسخ وَالمَنْسُوْخ)، وَكِتَاب (عجَالَة المبتدئ فِي النَّسَبِ)، وَكِتَاب (المُؤتلف وَالمُخْتَلِف فِي أَسْمَاء البُلْدَان). (21/169)
وَأَسند أحَادِيث (المُهَذَّب)، وَكَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، نبيلاً، زَاهِداً، عَابِداً، وَرِعاً، مُلاَزِماً لِلْخلوَة وَالتصنِيف وَبثّ العِلْم، أَدْركه الأَجل شَابّاً، وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ غَانِم الحَافِظ يَقُوْلُ:
كَانَ شَيْخنَا الحَافِظُ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ يُفضّل أَبَا بَكْرٍ الحَازِمِيَّ عَلَى عَبْدِ الغَنِيِّ المَقْدِسِيّ، وَيَقُوْلُ:
مَا رَأَينَا شَابّاً أَحْفَظ مِنَ الحَازِمِيّ، لَهُ كِتَاب فِي (النَّاسخ وَالمَنْسُوْخ) دَالٌّ عَلَى إِمَامته فِي الفِقْه وَالحَدِيْث، لَيْسَ لأَحدٍ مِثْلُه.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الأَئِمَّة يذكر أَنَّ الحَازِمِيّ كَانَ يَحفظ كِتَاب (الإِكمَال) فِي المُؤتلف وَالمُخْتَلِف وَمُشْتَبِهِ النسبة، كَانَ يُكرَّر عَلَيْهِ، وَوجدتُ بِخَطِّ الإِمَام أَبِي الخَيْرِ القَزْوِيْنِيّ، وَهُوَ يَسْأَل الحَازِمِيَّ: مَاذَا يَقُوْلُ سَيِّدُنَا الإِمَامُ الحَافِظُ فِي كَذَا وَكَذَا؟ وَقَدْ أَجَابَ أَبُو بَكْرٍّ الحَازِمِيّ بِأَحْسَنِ جَوَابٍ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ النَّجَّار: سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ المُقْرِئَ جَارنَا يَقُوْلُ -وَكَانَ صَالِحاً-:
كَانَ الحَازِمِيّ -رَحِمَهُ الله- فِي رِبَاط البَدِيْع، فَكَانَ يَدخل بَيْته فِي كُلِّ لَيْلَة، وَيطَالع، وَيَكْتُبَ إِلَى طُلُوْع الفَجْر.
فَقَالَ البَدِيْعُ لِلْخَادِمِ: لاَ تدفع إِلَيْهِ اللَّيْلَة بزراً لِلسِّرَاجِ لَعَلَّهُ يَسْتَرِيح اللَّيْلَة.
قَالَ: فَلَمَّا جنّ اللَّيْل، اعتذر إِلَيْهِ الخَادِم لأَجْل انقطَاع البزر، فَدَخَلَ بَيْته، وَصفّ قَدَمَيْهِ يُصَلِّي، وَيَتلو، إِلَى أَنْ طلع الفَجْر، وَكَانَ الشَّيْخ قَدْ خَرَجَ ليعرف خَبَره، فَوَجَده فِي الصَّلاَةِ.
مَاتَ أَبُو بَكْرٍ الحَازِمِيّ: فِي شَهْر جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْس مائَة، وَلَهُ سِتٌّ وَثَلاَثُوْنَ سَنَة. (21/170)
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الحمْد أَقُش الافتخَارِيِّ، أَخبركُم عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الدِّمْيَاطِيّ الخَطِيْب سَنَة سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ ذَاكر بِقِرَاءتِي، أَخبركُم حَسَن بن أَحْمَدَ القَارِئ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الكَاتِبُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَزَّاز، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ يَزِيْدَ، حَدَّثَنَا غَسَّان بن مُضَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْلَمَة،
قَالَ:
سَأَلت أَنَس بن مَالِكٍ: أَكَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَفتح بِالحَمْد للهِ رَبّ العَالِمِين؟
فَقَالَ: إِنَّك لَتسَأَلنِي عَنْ شَيْءٍ مَا أَحْفَظه، وَمَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَد قَبْلك.
قُلْتُ: أَكَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي النَّعْلَيْنِ؟
قَالَ: نَعَمْ. (21/171)
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ، غَرِيْبٌ، وَهُوَ ظَاهِر فِي أَنَّ أَبَا مَسْلَمَةَ سَعِيْد بن يَزِيْدَ سَأَلَ أَنساً عَنِ الصَّلَوَات الخَمْس، أَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَفتح -يَعْنِي: أَوّلَ مَا يُحرمُ بِالصَّلاَةِ- بدُعَاء الاستِفْتَاحِ أَمْ بِالاسْتِعَاذَة، أَمْ بِالحَمْد للهِ رَبّ العَالِمِين؟
فَأَجَابَهُ: أَنَّهُ لاَ يَحفظ فِي ذَلِكَ شَيْئاً.
فَأَمَّا الجهر وَعدمه بِالبسملَة، فَقَدْ صَحَّ عَنْهُ مِنْ حَدِيْثِ قَتَادَة، وَغَيْره، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا لاَ يَجهرُوْنَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ.
وَقَدْ رَوَى عَنِ الحَازِمِيّ: المُقْرِئُ تَقِيّ الدِّيْنِ ابْن بَاسُوَيْه الوَاسِطِيّ، وَالفَقِيْه عَبْد الخَالِقِ النَّشْتَبْرِيّ، وَجَلاَل الدِّيْنِ عَبْد اللهِ بن الحَسَنِ الدِّمْيَاطِيّ الخَطِيْب، وَآخَرُوْنَ. (21/172)
وَمَاتَ مَعَهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ: الأَمِيْر الكَبِيْر مُؤَيِّد الدَّوْلَةِ مَجْد الدِّيْنِ أَبُو المُظَفَّرِ أُسَامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ الكِنَانِيّ الشَّيْزَرِيّ الشَّاعِر، عَنْ سَبْع وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَأَبُو المُقيم ظَاعن بن مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيّ الخَيَّاط، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بن عَلِيِّ بنِ سُوَيْدَة التَّكرِيتِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ حُبَيْش الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو القبَائِل عَشِيرُ بن عَلِيٍّ الجَبَلِيّ بِمِصْرَ، وَشَمْس الأَئِمَّة عِمَاد الدِّيْنِ عُمَر بن بَكْرٍ الأَنْصَارِيّ البُخَارِيّ شَيْخ الحَنَفِيَّة، وَتَاج الدِّيْنِ مُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحْمَانِ المَسْعُوْدِيّ المُحَدِّث، وَشَاعِر العِرَاق أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ ابْن التَّعَاويذِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ صَدَقَة الحَرَّانِيّ السَّفَّار، وَأَبُو الفُتُوْحِ مُحَمَّد بن المُطَهَّر بن يَعْلَى الفَاطِمِيّ الهَرَوِيّ، وَالعَبْد الصَّالِح مُحَمَّد بن أَبِي المَعَالِي بن قَايد الأَوَانِيّ، وَيَحْيَى بن مَحْمُوْدٍ الثَّقَفِيّ، وَالمُبَارَك بن أَبِي بَكْرٍ بنِ النَّقُّوْرِ. (21/173)
85 - الجَابِرِيُّ أَبُو العَلاَءِ عُمَرُ بنُ بَكْرِ بنِ مُحَمَّدٍ
شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ، نُعمَانُ الزَّمَانِ، القَاضِي عِمَادُ الدِّيْنِ، أَبُو العَلاَءِ عُمَرُ ابْنُ العَلاَّمَةِ شَيْخِ المَذْهَبِ شَمْسِ الأَئِمَّةِ أَبِي الفَضْلِ بَكْرِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، الجَابِرِيُّ، البُخَارِيُّ، الزَّرَنْجَرِيُّ.
وَزَرَنْجَرَى: مِنْ قرَى بُخَارَى.
تَفقّه بِأَبِيْهِ، وَببرْهَانِ الأَئِمَّة ابْنِ مَازَةَ، وَسَمِعَ (صَحِيْح البُخَارِيِّ) مِنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي سَهْل الأَبِيْوَرْدِيّ، عَنِ ابْنِ حَاجِب الكَاشَانِيّ.
تَفقّه بِهِ: شَمْس الأَئِمَّة أَبُو الوحدَةِ مُحَمَّد بن عَبْدِ الستَار الكُرْدِيّ، وَالمُفْتِي جَمَال الدِّيْنِ عُبَيْد اللهِ بن إِبْرَاهِيْمَ المَحْبُوبِيّ، وَصدر العَالَم مُحَمَّد بن عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَازَةَ.
وَعُمِّر نَحْو التِّسْعِيْنَ، وَانتهت إِلَيْهِ رِئَاسَة الحَنَفِيَّة.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ. (21/174)
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق