إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 27 فبراير 2015

2852 سِيَرُ أعْلام النبَلاء ( الإمام الذهبي ) 206 - صَاحِبُ الغَرْبِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ


2852

سِيَرُ أعْلام النبَلاء ( الإمام الذهبي )

206 - صَاحِبُ الغَرْبِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ


السُّلْطَانُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، المَلِكُ النَّاصِرُ مُحَمَّدُ ابْنُ السُّلْطَانِ يَعْقُوْبَ ابْنِ السُّلْطَانِ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ عَلِيٍّ القَيْسِيُّ.
وَأُمُّه رُومِيَّة، اسْمهَا زهر.
تَمَلَّكَ البِلاَد بِعَهْدٍ مِنْ أَبِيْهِ مُتَقَدِّم.
وَكَانَ أَشقر، أَشهل، أَسِيْل الخدّ، مليح الشّكل، كَثِيْر الصَّمْت وَالإِطْرَاق، شُجَاعاً، مَهِيْباً، بعيد الغَوْر، حليماً، عَفِيْفاً عَنِ الدِّمَاء، وَفِي لِسَانه لثغَة، وَكَانَ يُبَخَّل، وَلَهُ عِدَّةُ أَوْلاَد.
اسْتَوْزَر أَبَا زَيْد بن يُوجَّان، ثُمَّ عَزَلَهُ، وَاسْتَوْزَرَ الأَمِيْر إِبْرَاهِيْم أَخَاهُ، وَكَتَبَ سرَّه ابْنُ عَيَّاشٍ، وَابْن يَخْلَفتنَ الفَازَازِي، وَوَلِيَ قَضَاءهُ غَيْر وَاحِد.
حَارَبَه ابْن غَانِيَة، وَاسْتَوْلَى عَلَى فَاس.
وَخَرَجَ عَلَيْهِ بِالسُّوس الأَقْصَى يَحْيَى بن الجَزَّارَة، وَاسْتفحل أَمره، وَهَزَمَ الموحِّدين مَرَّات، وَكَادَ أَنْ يَملك المَغْرِب، ثُمَّ قتل، وَيُلَقَّبُ بِأَبِي قصبَة.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتّ مائَةٍ: سَارَ السُّلْطَان وَحَاصَرَ المَهْدِيَّة أَشْهُراً، وَأَخَذَهَا بِالأَمَان مِنْ نُوَّاب ابْن غَانِيَة، وَانْحَازَ إِلَى السُّلْطَانِ أَخُو ابْن غَانِيَة سِيْر، فَاحْتَرَمه.

قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيٍّ فِي (تَارِيْخِهِ): بَلَغَنِي أَن جُمْلَةَ مَا أَنفقه أَبُو عَبْدِ اللهِ فِي هَذِهِ السَّفرَة مائَة وَعِشْرُوْنَ حِمْلاً مِنَ الذَّهب، وَردّ إِلَى مَرَّاكُش سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَفرغت هُدنَة الفِرَنْج، فَعبر السُّلْطَان بِجُيوشه إِلَى إِشْبِيْلِيَة. (22/339)
ثُمَّ تَحَرَّك فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّ مائَةٍ لِجِهَاد العَدُوّ، فَنَازل حِصناً لَهُم، فَأَخَذَهُ، فَسَارَ الفُنْشُ فِي أَقَاصي المَمَالِك يَسْتَنفر عُبَّاد الصَّلِيب، فَاجتمعت لَهُ جيوش مَا سُمِعَ بِمِثْلِهَا، وَنجدته فِرَنْج الشَّام، وَعَسَاكِر قُسْطَنْطِيْنِيَّة، وَملك أَرغُن البَرْشَلُوْنِيّ، وَاسْتنفر السُّلْطَان أَيْضاً النَّاس، وَالتَقَى الجَمْعَان، وَتعرف بوقعَة العِقَاب، فَتحمَّل الفُنْشُ حَملَةً شَدِيْدَة، فَهَزم المُسْلِمِيْنَ، وَاسْتُشْهِدَ خلق كَثِيْر.
وَكَانَ أَكْبَر أَسبَاب الكسرَة غَضَب الجُنْد مِنْ تَأَخُّرِ عَطَائِهِم، وَثبت السُّلْطَان ثبَاتاً كُلِّياً، لولاَهُ لاَستُؤصل جَيْشُه، وَكَانَتِ المَلْحَمَة فِي صَفَرٍ، سَنَة تِسْعٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَرجع العَدُوّ بغَنَائِم لاَ تُوصَفُ، وَأَخَذُوا بيَّاسَة عَنْوَةً - فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ -.
مرض السُّلْطَان أَيَّاماً بِالسكتَة، وَمَاتَ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ عَشْرٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَكَانَتْ أَيَّامه خَمْسَةَ عَشَرَ عَاماً، وَقَامَ بَعْدَهُ ابْنه المُسْتَنْصِر يُوْسُف عَشْرَة أَعْوَام.
وَيُقَالُ: تَنَكَّر مُحَمَّد ليلاً، فَوَقَعَ بِهِ العَسَسُ، فَانْتظمُوْهُ بِرمَاحهِم، وَهُوَ يَصيح: أَنَا الخَلِيْفَة، أَنَا الخَلِيْفَة. (22/340)

207 - ابْنُهُ: أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ المُؤْمِنِيُّ


السُّلْطَانُ، المُسْتَنْصِرُ بِاللهِ، أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ المُؤْمِنِيُّ.
تَمَلَّكَ المَغْرِبَ سَنَةَ عَشْرٍ، وَكَانَ بَدِيْعَ الحُسْنِ، بَلِيْغ المَنْطِق، غَارقاً فِي وَادِي اللَّهْو وَالبطَالَة.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، فَملَّكوهُ وَلَهُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، فَضيَّعُوا أَمر الأُمَّة، وَأُمّه أُمّ وَلَدٍ، اسْمهَا قَمَر الرُّوْمِيَّة، وَكَانَ يُشَبَّه بِجدِّه.
قَامَ بِبَيعته عِيْسَى بن عَبْدِ المُؤْمِنِ، فَهُوَ عَمّ جدّه، وَآخِرُ مَنْ تَبقَّى مِنْ أَوْلاَدِ السُّلْطَانِ عَبْدِ المُؤْمِنِ، وَقَدْ حَيّ إِلَى حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ، فَقَامَ يَوْم البَيْعَة كَاتِبُ سِرِّهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ، وَبَقِيَ يَقُوْلُ لِلأَعيَانِ: تُبَايعُوْنَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ ابْن أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ عَلَى مَا بَايَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ السَّمْعِ وَالطَّاعَة فِي اليُسْرِ وَالعُسْرِ.
وَخَرَجَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ؛ وَلد العَاضد بِاللهِ العُبَيْدِيّ المِصْرِيّ؛ الَّذِي هَرَبَ مِنْ بَنِي أَيُّوْبَ إِلَى المَغْرِب، فَقَامَتْ مَعَهُ صِنْهَاجَةُ، وَعَظُم البَلاَء بِهِ، وَكثرت جُمُوْعه، وَكَانَ ذَا سَمْت وَصَمْت وَتَعَبُّد، فَقصَد سِجِلْمَاسَةَ، فَالتقَاهُ مُتَوَلِّيهَا حَفِيْد عَبْد المُؤْمِنِ، فَانْتصر ابْنُ العَاضد، وَلَمْ يَزَلْ يَتنقَّل وَتَكثر جُمُوْعه، وَلاَ يَتُمّ لَهُ أَمر، لِغُربَة بَلَدِهِ، وَعدم عَشِيرَته، وَلأَنَّ لِسَانَهُ غَيْر لِسَان البَرْبَرِ، ثُمَّ أَمسكَهُ مُتَوَلِّي فَاسَ، وَصَلَبَه.
مَاتَ المُسْتَنْصِر: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَمْ يُخلف وَلداً، فَمَلَّكت الموحدُوْنَ بَعْدَهُ عَمَّ أَبِيْهِ عَبْدَ الوَاحِدِ. (22/341)

208 - عَبْدُ الوَاحِدِ ابْنُ السُّلْطَانِ يُوْسُفَ ابْنِ السُّلْطَانِ عَبْدِ المُؤْمِنِ


صَاحِب المَغْرِب.
كَانَ شَيْخاً عَاقِلاً، لَكنَّه لَمْ يُدَار القُوَّاد، فَقَامُوا عَلَيْهِ، وَخَلَعُوْهُ، وَخَنقُوهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ، فَكَانَتْ دَوْلَته تِسْعَة أَشهر.

209 - عَبْدُ اللهِ ابْنُ السُّلْطَانِ يَعْقُوْبَ بنِ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ القَيْسِيُّ


المُلَقَّب: بِالملك العَادل.
كَانَ نَائِباً عَلَى الأَنْدَلُس، فَلَمَّا خُنِقَ عَمُّه عَبْد الوَاحِدِ، ثَارت الفِرَنْج بِالأَنْدَلُسِ، فَالتقَاهُم العَادلُ، فَانْهَزَمَ جَيْشُهُ، وَفَرَّ هُوَ إِلَى مَرَّاكُش فِي حَال نَحْسِهِ، فَقَبَضَ الموحدُوْنَ عَلَيْهِ، ثُمَّ بَايَعُوا بِالسلطنَة يَحْيَى ابْن السُّلْطَانِ مُحَمَّد بن يُوْسُفَ لَمَّا بَقَلَ وَجهُهُ، فَجَاءت الأَخْبَار بِأَنَّ إِدْرِيْس ابْن السُّلْطَان يَعْقُوْب قَدِ ادَّعَى الخِلاَفَة بِإِشْبِيْلِيَة، فآل الأَمْر بيَحْيَى إِلَى أَنْ طمعت فِيْهِ الأَعرَاب، وَحَاصرته بِمَرَّاكُش، وَضجر مِنْهُ أَهْلُهَا، وَأَخْرَجُوهُ، فَهَرَبَ المِسْكِيْن إِلَى جَبَل درن، ثُمَّ نَهَضَ مَعَهُ طَائِفَة، وَأَقْبَلَ وَتَمَكَّنَ، وَطَرَدَ نُوَّاب إِدْرِيْس، وَقَتَلَ مِنْهُم، وَتَوَثَّب بِالأَنْدَلُسِ ابْن هُوْدٍ الجُذَامِيُّ، وَدَعَا إِلَى بَنِي العَبَّاسِ، فَمَالَ إِلَيْهِ النَّاس، فَهَرَبَ إِدْرِيْس، وَعبر إِلَى مَرَّاكُش، فَالتَقَى هُوَ وَيَحْيَى، فَهَزم يَحْيَى، فَفَر يَحْيَى إِلَى الجَبَلِ، وَكَانَتْ وِلاَيَة العَادل فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ.
وَفِي دَوْلَته كَانَتِ المَلْحَمَة عِنْد طليطلَة، فَاندكَّ فِيْهَا المُسْلِمُوْنَ، ثُمَّ فِي الآخَرِ خُنِقَ العَادل، وَنُهِبَ قَصْرُهُ بِمَرَّاكُش، وَتَمَلَّكَ يَحْيَى بن مُحَمَّد بنِ يَعْقُوْبَ، فَحَارَبَهُ عَمّه - كَمَا ذكرنَا - ثُمَّ قُتِلَ. (22/342)

210 - صَاحِبُ المَغْرِبِ، إِدْرِيْسُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ يُوْسُفَ القَيْسِيُّ


السُّلْطَانُ، الملك المَأْمُوْنُ، أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ - كَمَا زَعَمَ - أَبُو العُلَى إِدْرِيْسُ ابْنُ السُّلْطَانِ المَنْصُوْرِ يَعْقُوْبَ بنِ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ عَلِيٍّ القَيْسِيُّ.
كَانَ بَطَلاً، شُجَاعاً، مَهِيْباً، دَاهِيَةً، فَقِيْهاً، عَلاَّمَةً، أُصُوْليّاً، نَاظماً، نَاثراً، وَافر الجَلاَلَة.
كَانَ بِالأَنْدَلُسِ مَعَ أَخِيْهِ العَادل عَبْد اللهِ، فَلَمَّا ثَارت الفِرَنْج عَلَيْهِ، تركَ الأَنْدَلُسَ العَادلُ، وَاسْتخلفَ عَلَى إِشْبِيْلِيَة إِدْرِيْس هَذَا، وَجَرَتْ لَهُ أُمُوْر طَوِيْلَة، ثُمَّ خُطِبَ لَهُ بِالخِلاَفَةِ بِالأَنْدَلُسِ، ثُمَّ عَدَّى وَغلبَ عَلَى مَرَّاكُش، وَانتزع المُلك مِنْ يَحْيَى بنِ مُحَمَّد ابْنِ عَمِّهِ، وَالتَقَوا غَيْرَ مَرَّةٍ، ثُمَّ ضَعُف أَمر يَحْيَى، وَاسْتجَار بِقَوْمٍ فِي حصن مِنْ عَمل تِلِمْسَانَ، فَقُتِلَ غِيْلَةً، وَتَمَكَّنَ إِدْرِيْس، وَكَانَ جَبَّاراً، جَرِيئاً عَلَى الدِّمَاءِ، وَأَزَال ذِكْرَ ابْن تُوْمَرْت مِنَ الخُطْبَةِ.
مَاتَ: فِي الغَزْو، فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فَملَّكُوا بَعْدَهُ ابْنه الرَّشِيْد، فَبقِي عشر سِنِيْنَ.
وَلإِدْرِيْس رِسَالَةٌ طَوِيْلَةٌ، أَفصحَ فِيْهَا بِتَكذِيبِ مَهْدِيِّهم وَضَلاَلِه، نَقلَ ذَلِكَ المُؤَيَّد فِي (تَارِيْخِهِ). (22/343)


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق