إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 27 فبراير 2015

2829 سِيَرُ أعْلام النبَلاء ( الإمام الذهبي ) 91 - خُوَارِزْمْشَاه، مُحَمَّدُ بنُ إِيْلَ رِسْلاَنَ بنِ أَتْسِزَ الخُوَارِزْمِيُّ



2829


سِيَرُ أعْلام النبَلاء ( الإمام الذهبي )

91 - خُوَارِزْمْشَاه، مُحَمَّدُ بنُ إِيْلَ رِسْلاَنَ بنِ أَتْسِزَ الخُوَارِزْمِيُّ


السُّلْطَانُ الكَبِيْرُ، عَلاَءُ الدِّيْنِ، خُوَارِزْمشَاه مُحَمَّدُ ابْنُ السُّلْطَانِ خُوَارِزْمشَاه إِيْل رِسْلاَن ابْنِ خُوَارِزْمشَاه أَتْسِزَ ابْنِ الأَمِيْرِ مُحَمَّدِ بنِ نُوشْتِكِيْن الخُوَارِزْمِيُّ.
قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: نَسَبُ عَلاَء الدِّيْنِ يَنْتهِي إِلَى إِيلتَكين مَمْلُوْك السُّلْطَان أَلب أَرْسَلاَن بن جغرِيبك السَّلْجُوْقِيّ.
قُلْتُ: قَدْ سُقت مِنْ أَخْبَاره فِي (التَّارِيْخ الكَبِيْر) فِي الحوَادث، وَأَنَّهُ أَبَاد ملوكاً، وَاسْتَوْلَى عَلَى عِدَّة أَقَالِيم، وَخَضَعَت لَهُ الرِّقَاب، وَقَدْ حَارب الخَطَا غَيْرَ مَرَّةٍ، فَانْهَزَم جَيْشُهُ فِي نَوْبَة وَثبتَ هُوَ، فَأُسر هُوَ وَأَمِيْر؛ أَسَرَهُمَا خَطائِيّ، فَصَيَّرَ نَفْسَهُ مَمْلُوْكاً لِذَلِكَ الأَمِيْر، وَبَقِيَ يَقف فِي خِدْمَته، فَقَالَ الأَمِيْر لِلْخَطَائِيِّ: ابعث رَسُوْلَكَ مَعَ غُلاَمِي هَذَا إِلَى أَهْلِي لِيُرسلُوا مَالاً فِي فكَاكِي، فَفَعَل وَتَمَّت الحِيلَة، وَعَادَ خُوَارِزْمشَاه إِلَى مُلكِه، ثُمَّ عرف الخطَائِي، فَسَارَ مَعَ ذَلِكَ الأَمِيْر إِلَى خدمَة السُّلْطَان، فَأَكْرَمَه، وَأَعْطَاهُ أَشيَاء. (22/140)

قَالَ عِزّ الدِّيْنِ عَلِيّ ابْن الأَثِيْرِ: كَانَ صَبُوْراً عَلَى التَّعب وَإِدمَان السَّير، غَيْر مُتَنَعِّم وَلاَ مُتَلَذِّذٍ، إِنَّمَا نهمته الملك، وَكَانَ فَاضِلاً، عَالِماً بِالفِقْه وَالأُصُوْل، مُكرِماً لِلْعُلَمَاء يُحبّ منَاظرتهُم، وَيَتبرّك بِأَهْلِ الدِّيْنِ، قَالَ لِي خَادم الحُجْرَة النَّبويَّةِ: أَتيتُه فَاعْتنقنِي، وَمَشَى لِي، وَقَالَ: أَنْتَ تخدم حُجْرَة النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
قُلْتُ: نَعم، فَأَخَذَ يَدِي، وَأَمَرَّهَا عَلَى وَجهه، وَأَعْطَانِي جُمْلَةً.
قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ: أَفنَى مُلُوْكَ خُرَاسَان وَمَا وَرَاء النَّهْر، وَأَخلَى البِلاَد، وَاسْتقلَّ بِهَا، فَكَانَ سَبَباً لِهَلاَكه، وَلَمَّا نَزل هَمَذَانَ، كَاتَبَ ابْنُ القُمِّيّ نَائِبُ الوزَارَة أُمَرَاءهُ وَوعدَهُم بِالبِلاَد، فَرَامُوا قتله، فَعرفَ، وَسَارَ إِلَى مَرْو، وَكَانَ مَعَهُ مِنَ الخَطَا سَبْعُوْنَ أَلْفاً، وَكَانَ خَاله مِنْهُم، فَنمَّ عَلَيْهِ، فَاخْتَفَى، فَنهبُوا خَزَائِنه، فَيُقَالُ: كَانَ فِيْهَا عَشْرَة آلاَف دِيْنَار، وَلَهُ عَشْرَة آلاَف مَمْلُوْك، فَرَكِبَ إِلَى جَزِيْرَةٍ هَارباً.
قُلْتُ: تسلطن فِي سَنَةِ 596. (22/141)

وَقَالَ المُوَفَّقُ: كَانَ أَبُوْهُ تِكش أَعْوَر قمِيئاً، كَثِيْر اللعب بِالملاَهِي، بَعَثَ بِرَأْس طُغْرِل إِلَى بَغْدَادَ، وَطلب السّلطنَة، فَتحركت الخَطَا، فَاحتَاج أَنْ يَرِدَ خُوَارِزْمَ، فَتولَّى بَعْدَهُ ابْنه مُحَمَّد، وَكَانَ مُحَمَّدٌ شُجَاعاً، شَهْماً، مغوَاراً، غَزاءً، سعيداً، يَقطع المسَافَات الشَّاسعَة بسرعَة، وَكَانَ هَجَّاماً، فَاتكاً، أُتِيَ بِرَأْس أَخِيْهِ فَلَمْ يَكترث، وَكَانَ قَلِيْلَ النّوم، طَوِيْل النّصب، يَخدم أَصْحَابه، وَيَحرس، وَثيَابه وَعِدَّة فَرسه لاَ تَبلغ دِيْنَاراً، وَكَانَ كَثِيْرَ الإِنفَاق، لَهُ مُشَاركَة لِلْعُلَمَاء، صَحِبَ الفَخْر الرَّازِيّ قَبْل المُلْكِ، وَلَكِنَّهُ أَفسده العُجْب، وَالثِّقَة بِالسَّلاَمَة، وَاسْتهَانَ بِالأَعْدَاء، وَكَانَ يَقُوْلُ: (مُحَمَّدٌ يَنْصر دِينَ مُحَمَّدٍ)، قطع خُطبَة الخَلِيْفَة وَجَاهر، وَأَرَادَ أَنْ يَتشبه بِالإِسْكَنْدَر، وَأَيْنَ الوَلِيّ مِنْ رَجُلٍ تُركِيّ، فُكُلُّ ملك لاَ يَكُوْن قصدهُ إِقَامَة الحَقّ فَهُوَ وَشيك الزّوَال، جَاهر هَذَا أُمَّة الخَطَا، فَنَازلهُم بِأُمَّة التّتر، وَاسْتَأْصلهُم إِلاَّ مَنْ خدم مَعَهُ، ثُمَّ انتقل إِلَى التّتر.

ثُمَّ ذَكَرَ المُوَفَّق أَشيَاء، وَقَالَ: فَكَانَتْ بلاَد مَا وَرَاء النَّهْر فِي طَاعَة الخَطَا، وَمُلُوْك بُخَارَى وَسَمَرْقَنْد يُؤدُّوْنَ الأَتَاوَة إِلَى الخَطَا، وَكَانَتْ هَذِهِ الأُمَمُ سَدّاً بَيْنَ تُرك الصّين وَبيننَا، فَفَتَحَ هَذَا السَّد الوثيق، وَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَنْ يُقَاوِمُه، فَانْتقلَ إِلَى كِرْمَان، ثُمَّ العِرَاق، ثُمَّ أَذْرَبِيْجَان، وَطمع فِي الشَّام وَمِصْر، وَكَانَ عَلَيْهِ سهلاً لَوْ قدّر، بَات صَاحِب حَلَب ليله مَهْمُوْماً لما اتصل بِهِ مِنْ أَخْبَار هَذَا وَطمعه فِي الشَّام، وَقِيْلَ عَنْهُ: إِنَّهُ يَبْقَى أَرْبَعَة أَيَّام عَلَى ظَهْرِ فَرسه لاَ يَنْزِل، إِنَّمَا يَنْتقل مِنْ فَرَس إِلَى فَرَس، وَيطوِي البِلاَد، وَيهجم المَدِيْنَة فِي نَفر يَسير، ثُمَّ يُصبِّحه مِنْ عَسْكَره عَشْرَة آلاَف، وَيُمسِّيه عِشْرُوْنَ أَلْفاً، وَرُبَّمَا هَجَمَ البَلَد فِي مائَة، فَيقضِي الشُّغل قَبْلُ، قتل عِدَّة مُلُوْك، وَإِنَّمَا أَخْذُه البِلاَد بِالرُّعْبِ وَالهَيْبَةِ. (22/142)
وَبعد مَوْت الظَّاهِر غَازِي، جَاءَ رَسُوْله إِلَى حَلَب، فَقَالَ: سُلْطَانُ السَّلاَطِيْن يُسلِّم عَلَيْكُم، وَيَعتب إِذْ لَمْ تُهنِّئوهُ بِفَتح العِرَاق وَأَذْرَبِيْجَان، وَإِنَّ عدد جَيْشه سَبْعُ مائَةِ أَلْفٍ.
ثُمَّ تَوجّه رَسُوْله إِلَى العَادل بِدِمَشْقَ يَقُوْلُ: تعَالَ إِلَى الخدمَة، فَقَدِ ارْتضينَاك أَنْ تَكُوْن مُقَدَّم الرّكَاب! فَبقِي النَّاس يهزؤون مِنْهُ.

وَسَمِعنَا أَنَّهُ جَعَلَ صَاحِب الرُّوْم أَمِيْر عَلَم لَهُ وَالخَلِيْفَة خَطِيْباً لَهُ! وَكَانَ لَهُ أَرْبَعَة أَوْلاَد: جَلاَل الدِّيْنِ الَّذِي قَامَ بَعْدَهُ، وَغِيَاث الدِّيْنِ تترشَاه، وَقُطْب الدِّيْنِ أَزلاغ، وَرُكْن الدِّيْنِ غُورشَاه يَحْيَى، وَكَانَ أَحْسَنهُم، وَضُربت النَّوبَة بِأَمره لَهُم فِي أَوقَات الصَّلَوَات الخَمْس، عَلَى عَادَة المُلُوْك السَّلْجُوْقيَّة، وَانْفَرَدَ هُوَ بنَوْبَة الإِسْكَنْدَر، فَيَضرب وَقت المَطْلع وَالمَغِيب، وَكَانَتْ سَبْعاً وَعِشْرِيْنَ دبدبَة مِنَ الذّهب المرصع بِالجَوْهَر.
وَأَمَّا المُلُوْك الَّذِيْنَ كَانُوا فِي خِدْمَته، فَكَانَ يُذلهم وَيُهينهُم، وَجَعَلهُم يَضربُوْنَ لَهُ طبول الذَّهَب، ثُمَّ إِنَّهُ نَزل بِهَمَذَانَ، وَانتشرت جُمُوْعه، فَاختلت عَلَيْهِ بلاَد مَا وَرَاء النَّهْر، فَرَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَهْلكهُم الثَّلج، وَلَمَّا أَبَاد أُمَّتَيّ الخَطَا وَالتَّتَر وَهُم أَصْحَاب تُركستَان وَجَنْد وَتَنْكُت ظهرت أُمَّة يُسَمَّوْنَ التّتر أَيْضاً، وَهُم صنفَان، وَطمعُوا فِي البِلاَد، فَجمعَ، وَعَزَمَ عَلَى لِقَائِهِم، فَوَقَعَ جِنْكِزْ خَان رَأْس الطمغَاجيَّة عَلَى كَمِينه، فَطَحنوهُ، وَانْهَزَم جَلاَل الدِّيْنِ ابْنه إِلَيْهِ، وَخيل إِلَيْهِ تَعس الجدّ أَنَّ فِي أُمَرَائِهِ مُخَامِرِيْنَ، فَمسَّكهُم، وَضربَ مَعَ التَّتَار مَصَافّاً بَعْد آخر، فَتطحطح، وَردّ إِلَى بُخَارَى مُنْهَزِماً.

ثُمَّ جَاءَ مِنْ بُخَارَى ليجمع العَسَاكِر بِنَيْسَابُوْرَ، فَأَخَذت التَّتَار بُخَارَى، وَهجمُوا خُرَاسَان، فَفَرَّ، فَمَا وَصلَ إِلَى الرَّيِّ إِلاَّ وَطلاَئِعُهُم عَلَى رَأْسه، فَانْهَزَم إِلَى قَلْعَة بَرَجِيْنَ، وَمَعَهُ ثَلاَث مائَة فَارِس عُرَاة مَضَّهُم الجوع، فَاسْتطعمُوا مِنْ أَكرَادٍ، فَلَمْ يَحتفلُوا بِهِم، ثُمَّ أَعْطوهُم شَاتين وَقصعتِي لَبَن، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى نهَاوَنْد، ثُمَّ إِلَى مَازِندرَان، وَقعقعَة سلاَحهُم قَدْ ملأَت سَمْعَهُ وَبصره، فَنَزَلَ بِبحيرَة هُنَاكَ، فَانسَهَلَ، وَطَلَبَ دوَاءً، فَأَعوزه الخُبز، وَمَاتَ. (22/143)
وَقِيْلَ: كَانَ عِدَّة جَيْشه فِي الدِّيْوَان ثَلاَث مائَة أَلْف فَارِس، وَقِيْلَ: إِنَّهُ اسْتولَى عَلَى نَحْو أَرْبَع مائَة مدينَة، وَكَانَتْ أُمُّه تُرْكَانُ فِي عظمَةٍ مَا سُمِعَ قَطُّ بِمِثْلِهَا، وَفِي جَبَرُوت، فَأَسرهَا جِنْكِزْ خَان، وَذَاقت ذُلاًّ وَجُوعاً، وَفِي الآخَرِ دَاخَلَهُ رُعب زَائِد مِنَ التَّتَارِ، كَبَسَهُ التَّتَار، فَبَادر إِلَى مركب، فَوَقَعت عِنْدَهُ سهَامهُم، وَخَاضُوا فَمَا قدرُوا، وَكَانَ هُوَ فِي علَّة ذَات الجنب:
أَتَتْهُ المَنِيَّةُ مُغْتَاظَةً * وَسَلَّتْ عَلَيْهِ حُسَاماً ثَقِيلا
فَلَمْ تُغْنِ عَنْهُ حُمَاةُ الرِّجَالِ * وَلَمْ يُجْدِ فِيل عَلَيْهِ فَتِيلا
كَذَلِكَ يُفْعَلُ بِالشَّامِتِينَ * وَيُفْنِيهِمُ الدَّهْرُ جيلاً فَجِيلا
مَاتَ: فِي الجَزِيْرَةِ، سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَكُفِّن فِي عِمَامَةٍ لفِرَّاشِهِ.
وَكَانَتْ أُمُّه تُجيد الخَطَّ، وَتُعَلِّم، اعتصمت بِاللهِ وَحْدَه، وَحُكمهَا يُسَاوِي حكم ابْنهَا، فَمنْ أَلْقَابِهَا: عِصْمَةُ الدُّنْيَا وَالدِّيْنِ ألغ تُرْكَان سَيِّدَةُ نِسَاء العَالِمِينَ.
وَكَانَتْ سَفَّاكَةً لِلدّمَاء، وَهِيَ مِنْ بنَات مُلُوْك التُّرك، وَلَهَا مِنَ الأَمْوَال وَالجَوَاهِر مَا يَقصر الوَصْف عَنْهُ، فَأخذت التَّتَار الجَمِيْع، وَمِمَّا أخذوا لابنهَا صُنْدُوْقين كَانَ هُوَ يَقُوْلُ: فِيْهِمَا مَا يُسَاوِي خَرَاج الأَرْضِ. (22/144)

92 - فِتْيَانُ بنُ عَلِيِّ بنِ فِتْيَانَ الدِّمَشْقِيُّ الشَّاغُوْرِيُّ


الأَدِيْبُ الأَوْحَدُ، شَاعِرُ دِمَشْقَ، شِهَابُ الدِّيْنِ فِتْيَانُ بنُ عَلِيِّ بنِ فِتْيَانَ الدِّمَشْقِيُّ، الشَّاغُوْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنِ: الحَافِظِ أَبِي القَاسِمِ ابْنِ عَسَاكِرَ.
رَوَى عَنْهُ: القُوْصِيُّ، وَاليَلْدَانِيُّ، وَبِالإِجَازَةِ: عُمَرُ ابْنُ القَوَّاسِ.
وَكَانَ حَنَفِيّاً، أَدَّبَ بَعْضَ أَوْلاَد المُلُوْك، وَمَدَحَ الكِبَارَ.
وَمَاتَ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَهُوَ القَائِلُ:
قَدْ أَجْمَدَ الخَمْرَ كَانُوْنٌ بِكُلِّ قَدَحْ * وَأَخْمَدَ الجَمْرَ فِي الكَانُوْنِ حِيْنَ قَدَحْ
يَا جَنَّةَ الزَّبَدَانِي أَنْتِ مُسْفِرَةٌ * بِحُسْنِ وَجْهٍ إِذَا وَجْهُ الزَّمَانِ كَلَحْ
فَالثَّلجُ قُطْنٌ عَلَيْكِ السُّحب تَنْدِفُهُ * وَالجَوُّ يَحْلُجُهُ وَالقَوْسُ قَوْسُ قُزَحْ
وَلَهُ مِنْ قصيدَةٍ طَوِيْلَةٍ بَدِيْعَةٍ:
يَا رُبَّ بِيضٍ سَلَلْنَ البِيضَ مِنْ حَدَقٍ * سُودٍ وَمِسْنَ كَأَعْطَافِ القَنَا الذُّبُلِ
هِيفِ الخُصُوْرِ نَقِيَّاتِ الثُّغُوْرِ أَثِيـ * ـثَاتِ الشُّعُورِ هَجَرْنَ الكُحْلَ لِلْكَحَلِ
مِثْلَ الشُّمُوسِ انْجَلَى عَنْهَا الغَمَامُ إِذَا * غَازَلْنَنَا مِنْ وَرَاءِ السِّجْفِ وَالكِلَلِ (22/145)

93 - السَّامَرِّيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ


شَيْخُ الحَنَابِلَةِ، قَاضِي سَامرَّاءَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيْسَ بنِ سُنَيْنَةَ السَّامَرِّيُّ، صَاحِبُ (المُسْتوعِبِ).
مِنْ كِبَارِ الفُقَهَاءِ، صَنَّفَ، وَأَشغلَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ ابْنِ البَطِّيِّ، لَكِنْ لَمْ يَرْوِ شَيْئاً، وَلِيَ قَضَاءَ سَامرَّاءَ مُدَّةً، وَتَركَهُ.
مَاتَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ إِحْدَى وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.

94 - العِمَادُ ابْنُ عَسَاكِرَ


الحَافِظُ المُفِيْدُ، المُحَدِّثُ، عِمَادُ الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ ابْنُ الحَافِظِ بَهَاءِ الدِّيْنِ القَاسِمِ ابْنِ الحَافِظِ الكَبِيْرِ أَبِي القَاسِمِ ابْنِ عَسَاكِرَ الدِّمَشْقِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ الخِرَقِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الجَنْزَوِيِّ، وَالأَثِيْرِ بنِ بُنَان، وَالمُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ، وَعَبْدِ المُعِزِّ الهَرَوِيِّ.
وَارْتَحَلَ إِلَى العِرَاقِ وَإِلَى خُرَاسَانَ، وَعُنِيَ بِالحَدِيْثِ، وَخَرَّجَ (المَشْيَخَة) لأَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، وَكَانَ مُجدّاً فِي الطَّلَبِ، أَدْرَكَهُ الأَجَلُ بَعْد عَوْدِه مِنْ خُرَاسَانَ؛ خَرَجتْ عَلَيْهِ حَرَامِيَّةٌ، وَجُرِحَ، وَمَاتَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، بِبَغْدَادَ. (22/146)
وَأَقَامَ بِخُرَاسَانَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَقَدْ خَرَّجَ (الأَرْبَعِيْنَ) لِنَفْسِهِ، وَحَدَّثَ بِهَا سَنَة سِتِّ مائَةٍ.
سَمِعَ مِنْهُ: تَاجُ الأُمَنَاءِ، وَأَخُوْهُ؛ الفَقِيْهُ فَخْرُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ، وَابْنُ خَلِيْلٍ، وَالتَّاجُ ابْنُ القُرْطُبِيِّ، وَقَدْ رَثَاهُ العِزُّ النَّسَّابَةُ بِأَبيَاتٍ، مِنْهَا:
صَاحِبِي هَذِهِ دِيَارُ سُعَادٍ * فَتَرَفَّقْ وَمُنَّ بِالإِسْعَادِ
عُجْ عَلَيْهَا نَقْضِي لبَانَاتِ قَلْـ * ـبٍ مُسْتَهَامٍ أَصْمَاهُ حُبُّ سُعَادِ
قَرَأْتُ بِخَطِّ عُمَرَ بنِ الحَاجِبِ: سَأَلتُ العِزَّ ابْن عَسَاكِرَ عَنِ العِمَادِ، فَقَالَ:
كَانَ يَتشيَّعُ، وَكُنْت أَنقمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلاَ جَرَمَ أَنَّهُ قُصِفَ.
قُلْتُ: عَاشَ خَمْساً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ وَسَامَحَهُ -.
أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَسَاكِرَ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَخِي عَبْدُ المَلِكِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِيْهِ الحَسَنِ بِحَدِيْثٍ مِنْ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ). (22/147)

95 - صَاحِبُ حَمَاةَ، المَنْصُوْرُ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ شَاهِنْشَاه بنِ أَيُّوْبَ


المَلِكُ المَنْصُوْرُ، نَاصِرُ الدِّيْنِ، مُحَمَّدُ ابْنُ المَلِكِ المُظَفَّرِ تَقِيِّ الدِّيْنِ عُمَرَ بنِ شَاهنشَاه بنِ أَيُّوْبَ بنِ شَاذِي صَاحِب حَمَاة، وَأَبُو مُلُوكِهَا.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي الطَّاهِر بنِ عَوْفٍ بِالثَّغْرِ مَعَ عَمِّ أَبِيْهِ صَلاَحِ الدِّيْنِ، وَأَلَّفَ (تَارِيخاً) كَبِيْراً فِي مُجَلَّدَات.
وَكَانَ شُجَاعاً، مُحِبّاً لِلْعُلَمَاءِ، يُقَرِّبُهُم وَيعْطِيهِم.
رَوَى عَنْهُ: القُوْصِيُّ فِي (مُعْجَمِهِ)، وَكَانَتْ دَوْلَته ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وَقَدْ هَزَمَ الفِرَنْجَ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ زوج بِنْت السُّلْطَان الملك العَادل، وَجَاءته مِنْهَا أَوْلاَده، وَمَاتَتْ، فَبَالغَ فِي حُزنه عَلَيْهَا، حَتَّى إِنَّهُ لَبِسَ عِمَامَةً زَرقَاءَ.

قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: وَلَمَّا وَرد السَّيْف الآمِدِيّ حَمَاةَ، بَالغَ فِي إِكرَامِه، وَاشْتَغَلَ عَلَيْهِ، وَأَلَّفَ (طَبَقَات الشُّعَرَاءِ)، وَكِتَابَ (مِضْمَارِ الحَقَائِقِ) نَحْوَ عِشْرِيْنَ مُجَلَّدَةً، وَجَمَعَ فِي خزَانَتِه مِنَ الكُتُبِ مَا لاَ مَزِيدَ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي خِدْمَتِه مَا يُنَاهزُ مائَتَي مُعَمَّمٍ مِنَ الفُقَهَاءِ وَالأُدَبَاءِ وَالنُّحَاةِ وَالمُنَجِّمِينَ وَالفَلاَسِفَةِ وَالكَتَبَةِ، وَكَانَ كَثِيْرَ المُطَالَعَةِ وَالبحث، بَنَى سوراً لِحَمَاةَ وَلِقَلعَتِهَا، وَكَانَ مَوْكِبُه جَلِيْلاً تُجْذَبُ بَيْنَ يَدَيْهِ السُّيوفُ الكَثِيْرَةُ، يُضَاهِي مَوْكِبَ عَمِّه العَادِلِ، وَجُمِعَ نَظْمُهُ فِي (دِيْوَانٍ)، ثُمَّ أَوْرَد مِنْهُ ابْن وَاصِلٍ قَصَائِدَ جَيِّدَةً.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ ابْنُه قِلْج رِسْلاَنَ تِسْعَةَ أَعْوَامٍ، وَتَلقَّبَ بِالملكِ النَّاصِرِ.
وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ المَلِكِ المُعَظَّمِ، فَعَزَلَهُ الكَامِلُ، وَوَلَّى أَخَاهُ المَلِكَ المُظَفَّر، وَسَجَنَ قِلْجَ رِسْلاَنَ حَتَّى مَاتَ بِمِصْرَ. (22/148)


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق