1522
سِيَرُ أعْلام النبَلاء ( الإمام الذهبي )
47 - ثُمَامَةُ بنُ أَشْرَسَ أَبُو مَعْنٍ النُّمَيْرِيُّ البَصْرِيُّ
العَلاَّمَةُ، أَبُو مَعْنٍ النُّمَيْرِيُّ، البَصْرِيُّ، المُتَكَلِّمُ، مِنْ رُؤُوْسِ المُعْتَزِلَةِ القَائِلِيْنَ بِخَلْقِ القُرْآنِ - جَلَّ مُنْزِلُهِ -.
وَكَانَ نَدِيماً، ظَرِيْفاً، صَاحِبَ مُلَحٍ، اتَّصَلَ بِالرَّشِيْدِ، ثُمَّ بِالمَأْمُوْنِ.
رَوَى عَنْهُ: تِلْمِيْذُهُ الجَاحِظُ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: ذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ: العَالَمُ هُوَ بِطِبَاعِهِ فِعْلُ اللهِ.
وَقَالَ: المُقَلِّدُوْنَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ لاَ يَدْخُلُوْنَ النَّارَ، بَلْ يَصِيَرَوْنَ تُرَاباً، وَإِنَّ مَنْ مَاتَ مُسْلِماً وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى كَبِيْرَةٍ، خُلِّدَ فِي النَّارِ، وَإِنَّ أَطْفَالَ المُؤْمِنِيْنَ يَصِيَرَوْنَ تُرَاباً، وَلاَ يَدْخُلُوْنَ جَنَّةً.
قُلْتُ: قَبَّحَ اللهُ هَذِهِ النِّحْلَةِ.
قَالَ المُبَرِّدُ: قَالَ ثُمَامَةُ: خَرَجْتُ إِلَى المَأْمُوْنِ، فَرَأَيْتُ مَجْنُوناً شُدَّ، فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟
قُلْتُ: ثُمَامَةُ.
فَقَالَ: المُتَكَلِّمُ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: جَلَسْتَ عَلَى هَذِهِ الآجُرَّةِ، وَلَمْ يَأْذنْ لَكَ أَهْلُهَا.
فَقُلْتُ: رَأَيْتُهَا مَبْذُولَةً.
قَالَ: لَعَلَّ لَهُمْ تَدْبِيراً غَيْرَ البَذْلِ، مَتَى يَجِدُ النَّائِمُ لَذَّةَ النَّوْمِ؟
إِنْ قُلْتَ: قَبْلَهُ، أَحَلْتَ، لأَنَّهُ يَقْظَانُ.
وَإِنْ قُلْتَ: فِي النَّوْمِ، أَبْطَلْتَ، إِذِ النَّائِمُ لاَ يَعْقِلُ.
وَإِنْ قُلْتَ: بَعْدَهُ، فَقَدْ خَرَجَ عَنْهُ، وَلاَ يُوْجَدُ شَيْءٌ بَعْدَ فَقْدِهِ.
قَالَ: فَمَا كَانَ عِنْدِي فِيْهَا جَوَابٌ.
وَعَنْهُ، قَالَ: عُدْتُ رَجُلاً، وَتَرَكْتُ حِمَارِي عَلَى بَابِهِ، ثُمَّ خَرَجْتُ، فَإِذَا صَبِيٌّ رَاكبُهُ، فَقُلْتُ: لِمَ رَكِبْتَهُ بِغَيْرِ إِذْنِي؟
قَالَ: خِفْتُ أَنْ يَذْهَبَ.
قُلْتُ: لَوْ ذَهَبَ، كَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ.
قَالَ: فَهَبْهُ لِي، وَعُدَّ أَنَّهُ ذَهَبَ، وَارْبَحْ شُكْرِي.
فَلَمْ أَدْرِ مَا أَقُوْلُ. (10/205)
قَالَ هَاشِمُ بنُ مُحَمَّدٍ الخُزَاعِيُّ: حَدَّثَنَا الجَاحِظُ سَنَةَ (253)، حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ، قَالَ:
شَهِدْتُ رَجُلاً قَدَّمَ خَصْمَهُ إِلَى وَالٍ، فَقَالَ: أَصْلَحَكَ اللهُ، هَذَا نَاصِبِيٌّ، رَافِضِيٌّ، جَهْمِيٌّ، مُشَبِّهٌ، يَشْتِمُ الحَجَّاجَ بنَ الزُّبَيْرِ، الَّذِي هَدَمَ الكَعْبَةَ عَلَى عَلِيٍّ، وَيَلْعَنُ مُعَاوِيَةَ بنَ أَبِي طَالِبٍ.
يَمُوْتُ بنُ المُزَرَّعِ: حَدَّثَنَا الجَاحِظُ، قَالَ:
دَخَلَ أَبُو العَتَاهِيَةِ عَلَى المَأْمُوْنِ، فَطَعَنَ عَلَى المُبْتَدِعَةِ، وَلَعَنَ القَدَرِيَّةَ، فَقَالَ المَأْمُوْنُ: أَنْتَ شَاعِرٌ، وَلِلْكَلاَمِ قَوْمٌ.
قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنْ أَسْأَلُ ثُمَامَةَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقُلْ لَهُ يُجِبْنِي.
ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ، فَحَرَّكَهَا، وَقَالَ: يَا ثُمَامَةُ! مَنْ حَرَّكَ يَدِي؟
قَالَ: مَنْ أُمُّهُ زَانِيَةٌ.
فَقَالَ: يَشْتِمُنِي يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ ثُمَامَةُ: نَاقَضَ وَاللهِ.
قَالَ أَبُو رَوْقٍ الهِزَّانِيُّ: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ يَعْقُوْبَ، قَالَ:
اجْتَمَعَ ثُمَامَةُ وَيَحْيَى بنُ أَكْثَمَ عِنْدَ المَأْمُوْنِ، فَقَالَ المَأْمُوْنُ ليَحْيَى: مَا العِشْقُ؟
قَالَ: سَوَانِحُ تَسْنَحُ لِلْعَاشِقِ، يُؤثِرُهَا، وَيَهِيمُ بِهَا.
قَالَ ثُمَامَةُ: أَنْتَ بِالفِقْهِ أَبْصَرُ، وَنَحْنُ أَحْذَقُ مِنْكَ.
قَالَ المَأْمُوْنُ: فَقُلْ.
قَالَ: إِذَا امْتَزَجَتْ جَوَاهِرُ النُّفُوْسِ بِوَصْلِ المُشَاكَلَةِ، نَتَجَتْ لَمْحَ نُوْرٍ سَاطِعٍ تَسْتَضِيءُ بِهِ بَوَاصِرُ العَقْلِ، وَتَهْتَزُّ لإِشْرَاقِهِ طَبَائِعُ الحَيَاةِ، يُتَصَوَّرُ مِنْ ذَلِكَ اللَّمْحِ نُوْرٌ خَاصٌّ بِالنَّفْسِ، مُتَّصِلٌ بِجَوْهَرِهَا، يُسَمَّى عِشْقاً.
فَقَالَ المَأْمُوْنُ: هَذَا - وَأَبِيْكَ - الجَوَابُ. (10/206)
قَالَ هَارُوْنُ الحَمَّالُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي كَبْشَةَ، قَالَ:
كُنْتُ فِي سَفِيْنَةٍ، فَسَمِعْتُ هَاتِفاً يَقُوْلُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، كَذَبَ المَرِيْسِيُّ عَلَى اللهِ.
ثُمَّ عَادَ الصَّوْتُ يَقُوْلُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، عَلَى ثُمَامَةَ وَالمَرِيْسِيِّ لَعْنَةُ اللهِ.
قَالَ: وَمَعَنَا رَجُلٌ مِن أَصْحَابِ المَرِيْسِيِّ فِي المَرْكَبِ، فَخَرَّ مَيْتاً. (10/207)
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق