إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014

422 موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين" الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية: خامساً:أهم الشبه التي أثارها النصارى في عصر الحروب الصليبية: 7-دعوى أن المسلمين وثنيون وكفار:


422

موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"

الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب

المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية:

خامساً:أهم الشبه التي أثارها النصارى في عصر الحروب الصليبية:

7-دعوى أن المسلمين وثنيون وكفار:

قال أكبر دعاة دعاة الحروب الصليبية في أوروبا البابا أوربان الثاني في خطابه أمام مجمع كليرمونت في فرنسا والذي دعا فيه إلى القيام بالحروب الصليبية : ... إني أخاطب الحاضرين وأعلن لأولئك الغائبين، كما أن المسيح يأمر بهذا، إن ذنوب أولئك الذاهبين إلى هناك سوف تغفر إذا انتهت حياتهم بأغلالها الدنيوية سواء أثناء مسيرتهم على الأرض أو عند عبورهم البحر، أو في خضم قتالهم ضد الوثنيين ... يا له من عار إذ قام جنس خسيس مثل هذا، جنس تستعبده الشياطين بهزيمة شعب يتحلى بإيمان عظيم بالرب ()، ووصف فوشيه شارتر أحد مؤرخي الحروب الصليبية الفرنج وأبرز قساوستهم وممن اشترك في كثير من أحداث هذه الحروب وصف المسلمين بهذه الصفة في كتابته لتاريخ حملات النصارى الأولى في هذه الحروب، ففي ثنائه على البابا أوربان الثاني الداعي الأول للحروب الصليبية قال: .. كذلك بذل جهوداً قوية لطرد الوثنيين من أراضي المسيحيين ()، ومؤرخ صليبي آخر عاصر أحداث الحروب الصليبية وتولى بعض المهام الدينية للصليبيين في فترة هذه الحروب وصف المسلمين وهو يكتب تاريخ الحروب الصليبية بالكفر، ومن ذلك: قوله وهو يتحدث عن بعض المواقع العسكرية بين المسلمين والصليبيين : .. ورغم ما كان يبدو من تأهب الكفار للقتال إلا أن أملهم في النصر أو حتى الصمود طويلاً كان أملاً واهياً، ومن ثم كان هدفهم الوحيد هو شغل الصليبيين بالقتال ()، وها هو أحد قادتهم وهو بلدوين أمير الرها في أحد خطاباته يصف المسلمين بهذه الصفة وذلك بقوله: .. لقـد استطاع شعب الفرنجة بإيحاء وتوجيه علويين أن يحرر مدينة القدس الطاهرة من انتهاكات الكفار ()، واتهام النصارى للمسلمين بالوثنية ليس إلا كما ورد في المثل: رمتني بدائها وانسلت، إذ الوثنية الصريحة والكفر بالله سبحانه وتعالى هو دين النصارى المحرف فهي تهمة ظاهرة البطلان، وكتب العلماء المسلمين في العقيدة بشكل عام تضمنت الكثير مما يبطل هذه الدعوى ومن خلال الجهود الدعوية للمسلمين تجاه النصارى في فترة الحروب الصليبية ومناقشتهم للعقائد النصرانية الباطلة والردود على شبههم يمكن استخلاص تفنيد هذه الدعوى على النحو التالي:

أ-إن الدين الإسلامي دين التوحيد، والنصرانية أساسها الشرك والكفر بالله، وتوحيد الله سبحانه وتعالى وتنزيهه عن الشرك والمثل والصاحبة والولد من مسلمات الدين الإسلامي الذي بعث النبّي صلى الله عليه وسلم لتقريره والدعوة إليه، وهو عقيدة المسلمين الراسخة التي لا يتطرق إليها الشك، قال تعالى : "قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يوُلد * ولم يكن له كُفُواً أحد" (سورة الإخلاص، الآيات 1-4) لذلك انطلق العلماء المسلمون في ردودهم ودعوتهم ونقاشاتهم مع النصارى في هذه الفترة من مبدأ مسلم به لديهم، وهو أن الإسلام دين التوحيد والنصرانية – المحرفة – دين الكفر والشرك مع الله ففي مستهل كل كتاب أورد أو نقاش للعلماء المسلمين في هذه الفترة مع النصارى تكون بدايته تقرير توحيد الله جلّ وعلا وتنزيهه عن شرك النصارى فيه ومن ذلك قول الجعفري في بداية كتاب التخجيل : الحمد لله الذي لا يتكثر بالأعداد، الماجد الذي لا تضارعه الأشكال والأنداد، المقدس عن الشريك والصاحبة والأولاد المنزه عن الذات والصفات عما يقول أهل الإلحاد ()وفي مستهل رد أبي عبيدة الخزرجي على رسالة أحد القساوسة قال: بسم الله الرحمن الرحيم إله فرد صمد لم يولد ولم يكن له كفواً أحد سلام على المهتدين والحمد لله رب العالمين ... فضلنا على جميع الأجناس ... نوحد الله بموجبات توحيد ونمجده سبحانه حق تمجيده ().

ب-بيان تأكيد الإسلام على لزوم التوحيد ونبذ الشرك:

ومن اهتمام بعض علماء عصر الحروب الصليبية لهذا الأمر: قول القرطبي في تفسير قوله تعالى: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً" (النساء، آية: 36) أجمع العلماء على أن هذه الآية من المحكم المتفق عليه، ليس منها شيء منسوخ وكذلك هي في جميع الكتب، ولو لم يكن كذلك لعرف ذلك من جهة العقل وتصفيتها من شوائب الرياء وغيره () قال تعالى: "قل إنما أنا بشر مثلكم يُوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً" (الكهف، آية: 110).

ج-بيان أن الشرك محبط للعمل:

 ففي تفسير قوله تعالى: "لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكوننَّ من الخاسرين" (الزمر، آية: 65) قال القرطبي: لئن أشركت يا محمد ليحبطن عملك وهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة وقيل: الخطاب له والمراد أمته ... والإحباط الإبطال والفساد ().

ج-بيان أن الشرك أعظم الذنوب وأن الله لا يغفره. قال القرطبي في تفسير قوله تعالى:

"إن الله لا يغفر أن يُشرك به" (النساء، آية: 116) هذا من المحكم المتفق عليه الذي لا اختلاف فيه بين الأمة ()وفي تفسير قوله تعالى: "ومن يُشرك بالله فقد افترى إثماً عظيما" (النساء، آية: 48) بين البغوي أن الشرك موجب للنار حيث أورد حديث جابر رضي الله عنه قال: أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله ما الموجبتان ؟ قال : من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ومن مات يشرك بالله دخل النار ().

س-إظهار نبذ الإسلام لكل مظاهر الوثنية من أصنام وصور، وتماثيل وبناء على القبور وكل ما هو وسيلة للشرك:

 ففي تفسير قول الله تعالى: "ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحـلت لـكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور"(الحج، آية: 30) قال القرطبي : الرجس الشيء القذر والوثن التمثال من خشب أو حديد أو ذهب أو فضة والنصارى تنصب الصليب وتعبده وتعظمه فهو كالتمثال أيضاً وسمي الصنم وثناً لأنه ينصب ويركز في مكان فلا يبرح عنه، يريد اجتنبوا عبادة الأوثان ()، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عدى أن يزيل الصليب عنه وقال: أطرح هذا الوثن عنك (). وقال الرازي: ثم إن لما حث سبحانه وتعالى على تعظيم حرماته وحمد من يعظمها أتبعه بالأمر باجتناب الأوثان ()، وسمى الأوثان رجساً للتأكيد على وجوب تجنبها لأن عبادتها أعظم من التلوث بالنجاسات ()وقد أبرز كثير من العلماء في هذه الفترة موقف النبي صلى الله عليه وسلم من أصنام المشركين التي كانت عند الكعبة عند فتح مكة حيث كان يكسرها صلى الله عليه وهو يتلو قوله تعالى : "وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا" (الإسراء، آية: 81)، فبعد أن عرض القرطبي ذلك بين أن معنى مجئ الحق أي الإسلام وزهوق الباطل أي الشرك ().

و-فضح النصارى بإبراز مظاهر الوثنية والشرك لديهم:

وذلك بتبجيلهم الصور والتماثيل والصلبان وإشراكهم في عبادة الله ففي مناقشة بعض العلماء المسلمين لعقائد النصارى وشعائرهم كان من ضمن ما ناقشوه تبجيلهم للصور والتماثيل مبينين أن ذلك ما هو إلا وثنية انتقلت إلى النصرانية واتخذها النصارى في مجامعهم ديناً وعبادة محرفين بذلك ما نزل عليهم من الحق، حيث وضح هؤلاء العلماء أن هذا من كفرهم القبيح الذي ابتدعوه في ديانتهم ()، مع إبرازهم لشركيات النصارى وكفرهم بالله من خلال نقض قانون الأمانة لديهم الذي هو أصل إيمانهم، وإبطال عقيدة التثليث وتفنيد ما اعتقدوه من الألوهية في عيسى عليه السلام ().


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق