420
موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"
الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب
المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية:
خامساً:أهم الشبه التي أثارها النصارى في عصر الحروب الصليبية:
5-دعوى عدم جزم المسلمين بصحة القرآن لاختلاف الصحابة في جمعه وتعدد قراءاته:
مما أثاره النصارى حول كتاب الله في هذه الفترة ادعائهم عدم جزم المسلمين بصحته لمخالفة عبد الله بن مسعود رضي الله عليه عثمان بن عفان رضي الله عنه في جمعه ()، وأن تعد القراءات على سبعة قراء أشد من اختلاف الأناجيل عن أربعة رجال ()، وقد رد القرافي على هذه الدعوى مبيناً أن خلاف عبدالله بن مسعود رضي الله عنه للصحابة ليس في إثبات شيء ليس من القرآن أو حذف شيء فيه، إذ القرآن معلوم لجميع الصحابة بالتواتر، وإنما الخلاف في أن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه كان يقرأ القرآن ويضم إليه تفسيره، وكان يقرؤها فصام ثلاثة أيام متتابعات، فنازعه الصحابة لذلك حرصاً منهم ألا يضاف إلى القرآن مما ليس منه، وكان الصواب معهم، وهذا من حفظ الله عز وجل لكتابه كما وعد بذلك: "إنَّا نحن نزَّلنا الذكر وإنّا له لحافظون"()(الحجرات، آية: 9). وقال القرطبي في جمع القرآن: وكان هذا من عثمان رضي الله عنه بعد أن جمع المهاجرين والأنصار وجلة أهل الإسلام وشاورهم في ذلك فاتفقوا على جمعه بما صح وثبت في القراءات المشهورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإطراح ما سواها، واستصوبوا رآيه وكان رأيا سديداً موفقاً ()وفيما يتعلق بتعدد القراءات فقد وضح بأنها جميعاً متلقاة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالتواتر، ثم إن هذا التعدد من رحمة الله بعبادة إذ قبائل العرب حين نزول القرآن كانت مختلفة اللهجات بين التضخيم والمد والقصر والإخفاء والإمالة وإعمال العوامل الناصبة والرافعة والجارة، ولو كلفوا كلهم بلهجة واحدة لشق عليهم () وأما فيما يتعلق بتشبيه النصارى اختلاف القرآن باختلاف الأناجيل فقد رد القرافي على ذلك مبيناً الفرق الواضح بين الأمرين، إذ الأناجيل لم تنقل إلينا بالتواتر كالقرآن الكريم، بل نكاد نجزم بأن أكثرها ليس منزلاً وما هو إلا تواريخ وكلام كهنة وملوك حشرها النصارى في الإنجيل وزعموا أنها من الكتاب المنزل، ولذلك لم يجز المسلمون أن يجعلوا شيئاً من الأحاديث مع صحتها مختلطة بالقرآن ولا قول أحد من الصحابة ()، ثم خاطب القرافي النصارى بقوله: ... فلا تشبهوا أنفسكم بنا، فوالله ما اجتمعنا في شيء من هذا، بل أنتم في غاية الأهمال، ونحن في غاية الاحتفال ()وقد تحدث العلماء المسلمون في تلك الفترة في إبراز وجوه إعجاز القرآن وبيان خصائصه التي تفرد بها عن سائر الكتب ()مع إيضاح تناقض الأناجيل وبيان عدم صحتها ().
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق