15
موسوعة الحروب الصليبية (5)المغول (التتار )بين الانتشار والإنكسار
الفصل الأول:المشروع المغولي وغزوهم لبلاد المسلمين
المبحث الأول:الجذور التاريخية للمغول:
ثامناً:أحوال العالم الإسلامي قبيل الغزو المغولي.
1 ـ طائفة الإسماعيلية الباطنية.
يعتبر الحسن الصباح المؤسس الحقيقي للطائفة الإسماعيلية في إيران، إذ أخذ في الاستيلاء على كثير من البلاد والقلاع المجاورة فـي "فوهستان" وكانت أهمها قلعة "الموت" التي استولى عليها سنة 483هـ ـ 1090م ـ فصارت عاصمة للإسماعيلية وقاعدة لملكهم، ولم يقف أمر "الصباح" عند هذا الحد، بل استطاع بمعاونة أتباعه ـ أن يستولي على المنطقة جنوبي بحر قزوين بأكملها ، وقد اشتهرت الطائفة الإسماعيلية في التاريخ بأنهم قوم محاربون أشداء، بثوا الرعب في النفوس، وعاثوا في الأرض فساداً، وقاوموا سلاطين السلاجقة واهتزت بسببهم السلطنة والخلافة، فلا غرو إن كان العداء شديداً بينهم وبين سائر المسلمين، كان لهم جهاز رهيب، وتنظيم سري يتكون من طائفة من الشبان المغامرين الشجعان، الممتلئين قوة وحماسة وتضحية وتفانياً في الدفاع عن عقيدتهم، وكان هؤلاء الفدائيون يجيدون فن التخفي وساعدهم على ذلك طبيعة الدعوة الإسماعيلية الباطنية التي كانت تجري في سرية تامة، بحيث أنه كان يتعذر على المرء أن يميز الشخص الباطني من غيره، وكان أعضاء هذا الجهاز يختارون في سن مبكرة ويدربون تدريبات شاقة مضنية على استعمال السلاح، وأساليب القتال، وطرق الاغتيال وسفك الدماء ، وكانت القاعدة عندهم أنه إذا ظهر حاكم قوي في البلاد الإسلامية المجاورة، أسرع الفدائيون منهم إلى اغتياله ليأمنوا جانبه، وكان هدفهم الأول من وراء ذلك هو بث الرعب والفزع في نفوس الجميع ونشر الاضطرابات والفتن وإشاعة الفوضى في صفوف المعادين لمذهبهم، فراح ضحيتهم كبار الشخصيات في الدولة السلجوقية حتى جردوها من قوتها الفعالة وعقولها المدبرة، مما أدى بها إلى نهايتها المؤسفة، فلقد قتلوا أعظم وزراء السلاجقة على الإطلاق وأكبر عقلية مفكرة في دولتهم، ألا وهو الخواجة "نظام الملك"، وكان ذلك بأن تقدم إليه أحد الفدائيين من هذه الطائفة على هيئة رجل صوفي، وطعنه بخنجره طعنة نجلاء خر على أثرها صريعاً سنة 485هـ ـ 1092م ـ فكان أول شخصية كبيرة فقدها العالم الإسلامي بسبب هذه الطائفة الدموية . وقد قام الولاة والحكام المسلمون بتسليط بعض أفراد هذه الطائفة ضد بعضهم بعضاً، ومن أمثلة ذلك عندما قام الصراع بين الخلفاء العباسيين والسلاجقة، اتهم السلطان "مسعود" بأنه هو الذي أوعز إلى جماعة من الفدائيين بالتخلص من الخليفة "المسترشد" فقتلوه سنة 529هـ ـ 1134م ـ ومثلوا به أشنع تمثيل، إذا أنهم قطعوا أنفه وأذنيه وتركوه عرياناً ، كذلك قتل ابنه "الراشد" بمدينة "أصفهان" سنة 532هـ ـ 1137م ـ لأن محاربة الخلفاء العباسيين هدف يتفق مع مبادئهم، كما سبق أن قامت هذه الطائفة باغتيال "أغلمش" نائب الخوارزميين في العراق العجمي، بإيعاز من الخليفة "الناصر"، وقد قام صراع بين الإسماعيلية والدولة الخوارزمية سبب للطرفين خسائر فادحة ، كما قامت هذه الطائفة بأعمال إجرامية ضد الطوائف الإسلامية التي تخالفهم في العقيدة، فأشاعوا الرعب والإرهاب، وظلموا وجاروا حتى لقد تمنى المسلمون زوال حكمهم، بل لقد شجعوا المغول وحثوهم على محاربتهم والقضاء عليهم، فقد ذكر "ابن طباطبا": حدثني الملك إمام الدين يحي بن الافتخاري قال: أذكر ونحن بقزوين إذ جاء الليل وجعلنا جميع مالنا من أثاث وقماش ورحل في سراديق لنا في دورنا غامضة خفية، ولا نترك على وجه الأرض شيئاً خوفاً من كبسات "الملاحدة" فإذا أصبحنا أخرجنا أقمشتنا فإذا جاء الليل فعلنا، كذلك، ولأجل ذلك كثر حمل "القزاونة" للسكاكين وكثر حملهم للسلاح، وما زال الملاحدة على ذلك حتى كان من أمر "شمس الدين" قاضي قزوين وتوجهه إلى "قا آن" وإحضار العسكر وتخريب قلاع الملاحدة ـ ما كان ويذكر "الجوزجاني" أن القاضي شمس الدين أحمد الكافي القزويني كان على اتصال بالمغول، وكان إماماً كبيراً، ذهب مرة إلى "منكوخان" وطلب منه أن يضع حداً لشر الملاحدة، ويخلص الناس من فسادهم، وفي أثناء حديثه وبينما كان مندفعاً بحماسة المسلم المتدين صدرت منه كلمات جافة أغضبت "منكوخان"، وكان لها أثر عميق في نفسه إذ نسب إليه الضعف والعجز، لأنه لم يستطع أن يستأصل شأفة هذه الطائفة الذين يدينون بدين يخالف ديانات النصارى والمسلمين والمغول، وما ذاك إلا لأنهم استطاعوا أن يغروا "منكوخان" بالمال بينما هم يتحينون فرصة ضعف دولته فيخرجون من الجبال والقلاع لينقضوا على البقية من المسلمين ويعفوا آثارهم، وخلاصة القول إن الطائفة الإسماعيلية كانت من أهم العوامل التي أسهمت في إضعاف المسلمين والدعوة الإسلامية ودعاة الإسلام وزيادة الفرقة بينهم وتدهورهم تدهوراً كاملاً سهل على المغول مهمة القضاء عليهم في الوقت المناسب .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق