456
موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"
الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب
المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية:
ثامنا:أساليب دعوة المسلمين للنصارى:
في عصر الحروب الصليبية اهتم الدعاة المسلمون في جهودهم الدعوية المباركة الموجهة إلى النصارى بجانب الأساليب اهتماماً كبيراً حيث ظهر ذلك جلياً من خلال تنوع هذه الأساليب وتعدد أشكالها واختلاف عرضها ().
3-الأساليب الفنية :
ب-أسلوب القصة:
وفي عصر الحروب الصليبية استخدم كثير من العلماء أسلوب القصة في جهودهم الدعوية الموجهة إلى النصارى لكونها من أنسب الأساليب مع النصارى لكشف باطلهم وبيان ما في كتبهم من تحريف وتبديل، وإظهار مواقفهم من أنبيائهم ومن هذه القصص ما قام به الخزرجي في رده على قسيس طليطلة في قوله: إنه لا ينكر صلبه – أي عيسى إلا كافر ()، عرض قصة الصلب كاملة حسب رواية النصارى مستنبطاً منها الأدلة على وقوع الصلب على الشبه وليس على عيسى كما يدعيه النصارى ()وعرض القرطبي قصة قسطنطين ومجمعه الذي ابتدعت فيه كثير من شرائع النصارى الباطلة ومنها الصلب وذلك دليلاً على عدم اعتمادهم على شيء في هذه العقائد وأنها من وضع ضلالهم وليس من أصل ديانتهم الصحيحة ()، وحينما عرّض القسيس للقرطبي في هاجر أم إسماعيل عليه السلام وفي معرض الرد عليه ساق القرطبي قصة هاجر مع سارة من التوراة كاملة لبيان افتراء هذا القسيس () وفي معرض إثبات القرطبي لنبوَّة عيسى عليه السلام سرد قصة بولس اليهودي وأثره في تحريف النصرانية والقول بألوهية المسيح ثم أثر قسطنطين بعد ذلك ()، ثم عقب بقوله: ... ولتعلم أن هذه الأخبار التي ذكرناها لا يمكنهم إنكار جملتها وإن أنكروا بعض تفاصيلها لكون هذه القصص معروفة على الجملة عندهم، فإنهم لا يقدرون على جحد محاربة بولس اليهودي وإحلائهم من الشام ودخول بولس في دينهم، وكذلك ملك قسطنطين مما لا ينكرون إشهاره لكتبهم ()وساق القرافي أيضاً قصتي بولس وقسطنطين في معرض بيان أثرهما في تحريف النصرانية وإضلال النصارى (). ثم عقب على ذلك بقوله: وكفى بهذه الثلمة في دين النصارى خللا عظيماً لم تترك لهم عقلاً مستقيماً ولا قلبا سليماً (). ونوع آخر من القصص ورد الاستشهاد به كثيراً في مناقشات العلماء المسلمين وردودهم على النصارى في هذه الفترة وهي القصص التي تتعلق بالتاريخ الإسلامي وحياة النبي ومناقبه، ومن ذلك مثلاً قصة كفالة جده ثم عمه، ورضاعة من حليمة، والبركة التي عليها بسبب ذلك، وقصة رحلته إلى الشام ولقائه () ببحيرا الراهب وشهادته له بالنبوة، ثم سرد القرطبي الكثير من القصص أيضاً حول معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في سياق الحديث عن دلائل نبوّته، ومن ذلك مثلاً: قصة نبع الماء من بين أصابعه في إحد غزواته، وتكثير الطعام في غزوة الخندق وغيرهما، وقصص أخرى كثيرة أبرز فيها القرطبي حماية الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم كرد المشركين عنه ليلة الهجرة وخبر سراقه وغير ذلك وهكذا إيراد القصة في الجهود الدعوية الموجهة إلى النصارى بالإضافة إلى كونه يزيد من جمال التعبير ويضفي عليه شيئاً من التشويق، فإن له أثره في التمهيد لقبول المحتوى لدى السامع وإيصال المعنى المراد له من خلال استغلال ذلك ().
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق