449
موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"
الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب
المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية:
ثامنا:أساليب دعوة المسلمين للنصارى:
في عصر الحروب الصليبية اهتم الدعاة المسلمون في جهودهم الدعوية المباركة الموجهة إلى النصارى بجانب الأساليب اهتماماً كبيراً حيث ظهر ذلك جلياً من خلال تنوع هذه الأساليب وتعدد أشكالها واختلاف عرضها ().
1-الأساليب العقلية:
ك-أسلوب الاستدلا بمسلمات الخصم:
وقد استخدم العلماء في هذه الفترة هذا الأسلوب في جهودهم الدعوية الموجهة إلى النصارى خاصة في نفي الألوهية عن المسيح والدلالة على نبّوة محمد صلى الله عليه وسلم ومن ذلك مثلاً ما أورده المتطبب من نصوص الإنجيل الدالة على بشرية المسيح وعدم الألوهية التي يدعونها فيه ومنها قوله عن نفسه: من عند الله أرسلت معلماً. وقوله لأصحابه: أخرجوا بنا من هذه المدينة، فإن النبيّ لا يلح في مدينته وأقاربه، وأخبر الإنجيل كذلك أن امرأة رأت المسـيح فقـالت له: أنت النبي الذي كنا ننتظر مجيئه ؟ فقال لها المسيح : صدقت طوبى لك أيتها المرأة ()، وقد علق المتطبب على بعض النصوص الكثيرة التي أوردها من الإنجيل مبيناً دلالتها على عبودية المسيح وأنه مربوب مبعوث من عند الله لا يستطيع أن يفعل شيئاً إلا بإذنه سبحانه وتعالى (). ومما استدل به القرطبي على صحة نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم من كتب النصارى ما ساقه من البشارات به صلى الله عليه وسلم ومن ذلك ما ورد في سفر التثنية وهو قول الله سبحانه: جاء الله من سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من جبال فاران ومعه جماعة من الصالحين (). حيث شرح ذلك القرطبي مبيناً أن مجيئه من جبل سيناء أن الله أنزل فيه التوراة دلكم عليه موسى، وإشراقه من جبل ساعير أن دين المسيح إنما أشرق من جبال ساعير قرب القدس، واستعلاؤه من جبال فاران أن الله تعالى بعث فيها محمد صلى الله عليه وسلم وأوحى إليه فيهما. ولاختلاف أن فاران هي مكة، وقد قال في التوراة : إن الله أسكن هاجر وابنها إسماعيل فاران ()وقد علق القرطبي على ذلك بتوجيه الخطاب إلى صاحب تثليث الوحدانية وحثه على التفكير في إنصاف وتثبت، وقبول هذه البشائر الظاهرة بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ()، ومن بشائر الأنجيل أيضاً بنبوةّ محمد صلى الله عليه وسلم والتي أوردها القرطبي قول المسيح: إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي، وسأرغب إلى الأب في أن يبعث إليكم البر قليط ليكون معكم إلى الأبد ()، حيث بين القرطبي معنى البرقليط وهو لفظة رومية معناها بالعربية محمد ()، وأورد الجعفري أربعاً وثمانين بشارة في التوراة والإنجيل بنبوّة محمد صلى الله عليه وسلم مبيناً وجه الاستدلال بكل منها وحاثاً النصارى على التصديق بها، ثم قال في نهايتها: .. فهذه أربع وثمانون بشارة عن الأنبياء وأتباع الأنبياء وقد تضمنها كتب الله المنزلة من لدن إبراهيم الخليل إلى أتباع المسيح منوهة باسم محمد صلى الله عليه وسلم صريحاً واسم أرضه التي يخرج منها وبلده التي نشأ بها (). ثم قال : وإنما نقلت قليلاً من كثير ويسراً من خطير، ولو استوعبت ما في كتب الله من الإشادة بذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم وذكر أمته لأطلت وخرجت إلى حد الإسهاب (). وهكذا كان لمجموع هذه الأساليب العقلية استخداما واسعاً مع هؤلاء النصارى الذين لا يؤمنون بالقرآن ولا ينفع معهم الأمر والنهي والترغيب والترهيب وظهر عمق أثرها عليهم ().
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق