447
موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"
الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب
المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية:
ثامنا:أساليب دعوة المسلمين للنصارى:
في عصر الحروب الصليبية اهتم الدعاة المسلمون في جهودهم الدعوية المباركة الموجهة إلى النصارى بجانب الأساليب اهتماماً كبيراً حيث ظهر ذلك جلياً من خلال تنوع هذه الأساليب وتعدد أشكالها واختلاف عرضها ().
1-الأساليب العقلية:
ش-أسلوب تناقض الخصوم:
هذا الأسلوب من أبرز الأساليب العقلية التي تهدم ما لدى الخصم من قناعات وتزعزع تقته في اعتقاداته وما يؤمن به ويناقش فيه وقد استخدم العلماء المسلمون هذا الأسلوب كثيراً في جهودهم الدعوية الموجهة إلى النصارى إبرازاً لتهافت الديانة النصرانية وإثباتاً ومما أبرزه علماء هذه الفترة إظهار تناقض كتب النصارى حيث أسهبوا في ذلك إثباتاً لتحريفها وتأكيداً على عدم الاعتماد على شيء منها ومن ذلك مثلاً ما أورده الأنباري من نماذج منها قولهم في إنجيل متى : إنه صلب ومعه لصان أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله وكانا يشتمانه ويتناولانه محركين رؤوسهما ويقولان له: سلم نفسك إن كنت ابن الله ()، وفي إنجيل لوقا: وكان أحد اللصين المصلوبين معه يسبه ويقول: إن كنت أنت المسيح فسلم نفسك وسلمنا (). حيث علق الأنباري على ذلك بقوله: وهذا تناقض، فإن في إنجيل متى أن اللصين كانا يسبانه، وفي إنجيل لوقا إن أحدهما كان يسبه () وأفرد الجعفري باباً في كتابه التخجيل لإبراز مواضع التحريف والتناقض في الإنجيل، حيث أورد نماذج في اثنين وخمسين موضعاً وقد قال في مقدمته: ".. ونبين بعون الله في هذا الباب من تناقض إنجيل النصارى وتعارضه وتكاذبه وتهافته ومصادمة بعضه بعضاً ما يشهد معه من وقف عليه أنه ليس هو الإنجيل الحق المنزل من عند الله ()وفي رد الخزرجي على قسيس طليطلة أورد الكثير من تناقضات الإنجيل إظهاراً لعدم الاعتماد عليه وإبرازاً لتهافت حجج القسيس ومما أورده من ذلك قوله مخاطباً القسيس : وفي الإنجيل الذي بأيديكم عنه – أي المسيح – إنه قال: إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي غير مقبولة وغيري يشهد لي (). ثم في موضع آخر من الإنجيل أنه قال: إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق لأبي أعلم من أين أتيت وإلى أين أذهب (). وقد علق الخزرجي على ذلك قائلاً للقسيس : أخبرني كيف تكون شهادته حقاً وباطلاً؟ ومقبولة وغير مقبولة؟ وكيف يجمع بين هذين في كتاب منسوب إلى الله تعالى ()، ومن الأمثلة على ذلك استخدام القرافي لهذا الأسلوب في مناقشته لبعض عقائد النصارى حيث أظهر جانباً من تناقضهم في أصل إيمانهم وهي الأمانة التي يعتقدونها، إذ فيها قولهم: ونؤمن بمعمودية واحدة لغفران الخطايا.. " يناقضه اعتقادهم أن خطيئة آدم عليه السلام عمت ذريته وما تخلصوا منها إلا بصلب المسيح وقتله، حيث بين القرافي أن ذلك ظاهر التناقض فإما أن تكون المعمودية توجب غفران الخطايا وحينئذ لا حاجة إلى الصلب أو يكون هو الذي أوجب الغفران وزالت به الخطيئة فلا حاجة إذن إلى المعمودية ().
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق