414
موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"
الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب
المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية:
رابعاً:مناقشة شعائر النصارى وطقوسهم:
8-حقيقة خوارق العادات لدى النصارى والتي يلبسون:
وفي عصر الحروب الصليبية ناقش بعض العلماء المسلمين ذلك لدى النصارى؛ إيقاظاً للعقول الغافلة وكشفاً لتلبيس ضُلاَّلهم؛ أملاً في إزالة عقبة من العقبات المانعة من الهداية وما في ذلك من إقامة للحجة عليهم بزوال ما قد يتعلقون به من هذه الخزعبلات حيث قال الخزرجي مبيناً سبب كثرة هذه الخزعبلات لدى النصارى وموجهاً الخطاب لبعض قساوستهم في الأندلس: إن حذاقكم وعقلاءكم لما علموا أن دينهم ليس له قاعدة ينبني عليها، ولا أصل يرجع إليه، جمعوا عقول الأمة بتخيلات موهمة وأباطيل مزخرفة وضعوها في الكنائس والمزارات ()ومن خزعبلاتهم أنهم وضعوا صوراً من الحجارة إذا قرئ الإنجيل عندها تبكي وتجري دموعها، ويشاهدها الخاص والعام، فيعتقد العامة أن ذلك لما علمته من أمر الإنجيل، ثم وضح حقيقة ذلك وهي أن لهذه الصورة مجار دقيقة في أجوافها متصلة من ورائها بزقٍ مملوء بالماء فيعصره بعض الموكلين بذلك فيندفع الماء في تلك المجاري وتخرج من عيون تلك الأصنام على هيئة دموع ().
وبعد أن سرد الخزرجي صوراً من هذا القبيل مبيناً أنه شاهد بعضها وسمع عن البعض الآخر قرر أن هذه الهذيان لا تجوز إلا عليكم أيها النصارى، ولا يتعبد بها من جهال العالم غيركم ()، ومن خزعبلاتكم التي ذكرها القرافي دعواهم أن مريم أم المسيح عليه السلام تنزل على دار المطران بطليطلة في يوم معروفٍ من السنة وهم جازمون بذلك. ثم تساءل القرافي مفنداً ذلك هل نزول أم المسيح بإذن الأب أو بغير إذنه، فإن نزلت بإذنه فلمَ لا يرسل ملائكته ويوقر أم ولده ويصونها عن التبذل لرجل أجنبي، وإن كان بغير إذنه فكيف اصطفى الأب لنفسه من يتفرق بغير إذنه ()؟ وتتلخص هذه القصة في أنه لما اشتدت الحال بالصليبيين المحاصرين في أنطاكية، جاءهم الغوث من السماء بأن رأى أحد قساوستهم أن أحد الحواريين جاءه في المنام ليريه مكانة الحربة التي طعن بها السيد المسيح وأنها في كنيسة أمير الحواريين، حيث فتشوا عنها حتى وجدوها (): فطرحوا عنهم ما كان بهم من الفزع، وتنفسوا الصعداء، وأحسوا أنه قد عاودهم بأنهم من جديد (). بل إن هناك البعض لأجل هذه الحربة رأى رأي العين أشباح الملائكة والرسل ()، وعرض ابن الأثير هذه القصة مبيناً أنها من حيل أحد القساوسة التي لبس بها على العامة وصدقوه بها، ثم وضح أنه مما زاد فتنتهم بهذه الحربة أن ظهروا على المسلمين في هذه الموقعة ()، وهكذا ناقش علماء هذه الفترة شعائر النصارى وطقوسهم مبينين تحريفها وابتدعهم لها، وبطلان ما استندوا عليه في إثباتها، بحيث يتضح لكل عاقل منهم ضلال ما هم عليه بالتمسك بها وممارستها ويدركون مدى تلبيس علمائهم عليهم في تزيينها لهم والإدعاء أنها من صلب ديانتهم ().
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق