407
موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"
الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب
المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية:
رابعاً:مناقشة شعائر النصارى وطقوسهم:
1-المعمودية:
المعمودية أو التعميد شعيرة من شعائر النصرانية لا يقبل إيمان نصراني إلا بها وهو عند النصارى يعني الغطس بالماء باسم الأب والابن وروح القدس إشارة إلى التطهير من أدران الخطيئة بدم المسيح (). وقد حل التعميد عند النصارى محل الختان في اليهودية ()، ومستندهم فيه قول المسيح عليه السلام: فأذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الأب والابن وروح القدس ()، وإن يوحنا عمد المسيح في وادي الأردن فخرج منه روح القدس كالحمامة على الماء (). ومن علماء المسلمين في عصر الحروب الصليبية الذين ناقشوا المعمودية لدى النصارى القرطبي، حيث وضح صفتها عند نصارى الأندلس بقوله: إن الذي يريد أن يدخل في دينهم، أو التائب منهم تتقدم الأقسة منه فيمنعونه من اللحم والخمر أياماً ثم يعلمونه اعتقادهم وإيمانهم، فإذا تعلم ذلك اجتمع له القسيسون فتكلم بعقيدة إيمانهم أمامهم، ثم يغطسونه في ماء يغمره، وقد اختلفوا هل يغطسونه مرة واحدة أو مرتين أو ثلاثاً؟ فإذا خرج من ذلك الماء دعا له الأسقف بالبركة ووضع يده على رأسه ()، ثم بين القرطبي بعد ذلك أنه ربما اختلفت صفتها، لكنها عندهم عبادة مؤكدة ومن يقبلها عندهم فهو كافر(). ثم أبطل القرطبي هذه المعمودية التي ابتدعوها على النحو التالي:
- أنه لم يرد ذكرها في التوراة ولم يشرعها الله لنبيه موسى عليه السلام.
- أن مستند النصارى في هذه المعمودية هو فعل يحي عليه السلام والحواريين، فإذا صح ذلك من يحي والحواريين فلِمَ لا يكون خصوصية لهم ؟ وإن قلتم أيها النصارى إنه ليس بخصوصية فأتوا بالدليل ولن تقدروا ().
وزاد القرافي على ذلك بقوله: ولو سلمنا عموم سرعيتها فَلِمَ زدتم العدد، ووضع اليد على الرأس، أو النفخ في الوجه ولم يُنقل ذلك عمن تقدم منكم؟ ولِمَ تكفرون مخالفيها من غير دليل ()؟
- وبين القرطبي أنه لعل يحي والحواريين عمدوا الناس لأن ماءهم كان مقدساً ودعاءهم متقبلاً، فيحي نبي والحواريون أنبياء بزعمكم أيها النصارى، أما أنتم فَلِمَ تعمدونهم؟ فلستم أنبياء وماؤكم ليس مقدساً فلستم إذن مثلهم ().
- وناقش كل من القرطبي والقرافي النصارى في أصل المعمودية لديهم، هل كان عيسى عليه السلام قبل أن يعمده يحي مقدساً أم لم يكن؟ فإن كان مقدساً فلا فائدة من فعل يحي، ولماذا لم ينزل عليه روح القدس قبل التعميد؟ وإن كان غير مقدس فكيف يكون من ليس بمقدس إلهاً أو ابن إله () ثم ختم القرافي مناقشته للنصارى في مسألة المعمودية بقوله: وهل هذا كله إلا هذيان، وضرب من الخذلان؟ وهذا – أي المعمودية – على أظهر أحكام شريعتهم وأقواها مستنداً فكيف بأضعفها ()
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق