إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014

405 موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين" الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية: ثالثا:مناقشة عقائد النصارى: 3-مناقشة قولهم في المسيح عليه السلام:


405

موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"

الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب

المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية:

ثالثا:مناقشة عقائد النصارى:

3-مناقشة قولهم في المسيح عليه السلام:

س-إبطال عقيدة الصلب الفداء:

تعد قضية الصلب والفداء من أهم عقائد النصارى، إذ يعتقدون أن هناك خطيئة ملازمة لكل إنسان يولد على هذه الأرض، وهذه الخطيئة موروثة منذ زمن آدم عليه السلام الذي أخطأ في حق ربه بأكله من الشجرة التي نُهي عن الأكل منها فاستحق لذلك العقوبة، وأورث هذه الخطيئة لذريته من بعده، ومن رحمة الله إنهاء الخطيئة المتوارثة بأن أنزل ابنه ليقتل ويُصلب فداء للبشرية وتكفيراً لخطيئة أبيهم آدم ()وقال القرطبي في عرضه لعقيدة الصلوبية عند النصارى : لا خلاف عند النصارى أن أنكار صلب المسيح كفر، ومن شك فيه فهو كافر ().

وفي رسالة أحد القساوسة إلى أبي عبيدة التي عرض عليه فيها دين النصرانية، ودعاه إلى الدخول فيه وضح له عقيدة الصلب بقوله: حمداً لله الذي هدانا لدينه، وأيدنا بيمينه وخصنا بابنه ومحبوبه، ومد علينا رحمته بصلب يسوع المسيح إلهنا الذي خلق السموات والأرض وما بينهن والذي فدانا بدمه المقدس، ومن عذاب جهنم وقانا، ورفع عن أعناقنا الخطيئة التي كانت في أعناق بني آدم بسبب أكله من الشجرة التي نُهي عنها، فخلصنا المسيح بدمه، وفدانا بدمه، ومن عذاب جهنم وقانا ().

وقد ناقش العلماء المسلمون هذه القضية موضحين عدم وقوع الصلب على المسيح عليه السلام ومبطلين أساس هذه العقيدة – وهو الفداء بسبب الخطيئة – وذلك بتفنيد أدلة النصارى ومزاعمهم حولها، وفيما يلي عرض لذلك:
- إبطال الصلب: وقد كان إبطال هذه العقيدة على النحو التالي:
- بيان عقيدة المسلمين في أن عيسى عليه السلام لم يُقتل ولم يصلب فعند تفسير قوله تعالى: "وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم"(النساء، آية: 157)، وضح ابن الجوزي أقوال العلماء في ذلك مبيناً فيها أن الذي قتل وصلب ليس المسيح عليه السلام وإنما هو شخص منهم ألقي عليه شبه المسيح، أما المسيح فقد رفعه الله إليه ()، وبين القرطبي أن هذه الآية رد على النصارى وأنهم لم يقتلوا المسيح عليه السلام، بل ألقي شبه على غيره (). وعند قوله تعالى: "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" (الأنفال، الآية: 30) وضح القرطبي أن مكر الله هو إلقاء شبه عيسى على غيره، ورفعه عليه السلام إليه، حيث رفعه جبريل إلى السماء وذلك في كوة البيت الذي لجأ إليه، وألقي شبه عيسى على يهوذا الذي دخل في أثره فأخذ وقتل وصلب (). وقال أيضاً: والصحيح أن الله تعالى رفعه إلى السماء من غير وفاة ولا نوم، كما قال الحسن وابن زيد وهو اختيار الطبري، وهو الصحيح عن ابن عباس (). ومعنى الوفاة في قوله تعالى: "إني متوفيك ورافعك إليَّ" أي قابضك إليَّ ()، وفي مناقشة القرطبي لعقيدة الصلب لدى النصارى قال: ... إن عيسى ابن مريم لم يقتله اليهود ولا غيرهم، بل رفعه الله إليه من غير قتل ولا موت (). وبعد أن عرض الجعفري قصة صلب المسيح عليه السلام في رأي النصارى ختم بقول الله تعالى: "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم" (النساء، آية: 157).

وذكر الأدلة من كتب النصارى على عدم وقوع الصلب: وهي كثيرة فمن ذلك:
- ما أورده الجعفري أن متى قال في إنجيله: إن رئيس الكهنة أقسم بالله الحي على المأخوذ: أما قلت لنا إن كنت المسيح ابن الله الحي؟ فقال له: أنت قلت (). حيث عقب الجعفري على ذلك بقوله: .. وذلك من أدل الدلالة على أن المأخوذ ليس هو السيد المسيح، ولو كان هو المسيح نفسه لم يوار في الجواب .. وكيف المسيح ويقسم عليه بالله تعالى: أين المسيح ؟ فلا يقول له : إنا المسيح ().

- إن مستند النصارى في إثبات الصلب هو نصوص من الإنجيل والإنجيل قابل للتحريف والتبديل وفيه من التناقض الشيء الكثير والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصر.

- إن النصوص التي يستدل بها النصارى على صلب المسيح ليست قاطعة في ذلك بل يتطرق إليها الاحتمال الكبير في أن المصلوب غير عيسى ومن شوهد ذلك:
- جاء في الأنجيل أن المصلوب استسقى اليهود ماءً فأعطوه خلا ممزوجاً والأناجيل كلها مصرحة بأنه كان يطوي أربعين يوماً وليلة ويقول للتلاميذ : إن لي طعاماً تعرفونه، وبعد أن أورد الخزرجي ذلك عقب عليه متسائلاً كيف بمن يستطيع الصبر أربعين يوماً على الجوع والعطش بأن يظهر الحاجة والمذلة لأعدائه بسبب عطش يوم واحد؟ وهذا لا يفعله أدنى الناس فكيف بخواص الأنبياء؟ لذلك فإن المدعي للعطش غير المسيح عليه السلام ().
- إن المسيح عند صلبه في زعم النصارى قال: إلهي إلهي لِمَ خذلتني، وقد ناقش الخزرجي ذلك بأن هذا القول من عيسى عليه السلام فيه اعتراض على قضاء الله، وهذا مما ينزه عنه، خصوصاً وإن النصارى يذكرون أن الصلب كان لتخليص الناس من الخطيئة، فكيف يفديهم بنفسه راضياً مختاراً وهذا القول منه فيه تبرم وعجز ورغبة في الخلاص من قبضة من أراد به السوء، مع ما يضاف إلى ذلك من أن النصارى يروون في كتبهم أن الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب كانوا مستبشرين عند الموت بلقاء الله ولم يهابوا مذاقه مع أنهم عبيد الله والمسيح ابن الله بزعم النصارى فينبغي أن يكون أثبت منهم، ذلك كله يدل على أن المصلوب غير عيسى ابن مريم().

وقد تصدى العلماء لعقيدة الصلب وهو الفداء بسبب الخطيئة وبينوا بطلانها وكان ذلك على النحو التالي:
- إيضاح مبدأ الإسلام في أن الإنسان لا يؤاخذ بذنب غيره، فبعد أن وضح الجعفري أن التوبة تكفر الذنب، وأن الإنسان لا يؤاخذ بخطيئة غيره ثم أورد على ذلك نصوصاً من كتب النصارى عقب بعدها بقوله:... وذلك موافق لقول ربنا جلَّ اسمه : "ولا تزر وازرة وِزرَ أُخرى" (الأنعام، آية: 164).

- ذكر الأدلة من كتب النصارى والتي تنفي أن يعاقب الإنسان بذنب غيره حيث أورد الجعفري مجموعة من النصوص من كتب النصارى تهدم أساس اعتقادهم بالصلب وأنه كان تكفيراً لخطيئة آدم عليه السلام، فمن ذلك ما جاء في التوراة إن الله قال لقابيل: إنك إن أحسنت تقبلت منك، وإن لم تحسن فإن الخطيئة رابضة ببابك (). وقوله: لا آخذ الولد بخطيئة والده ولا الوالد بخطيئة ولده، طهارة الطاهر له تكون، وخطيئة الخاطئ عليه تكون ().

- وقد وضح كثير من علماء عصر الحروب الصليبية الذين ناقشوا النصارى ومنهم على سبيل المثال: الخزرجي والقرطبي أن الصلب الذي وقع على عيسى تكفيراً لخطيئة آدم يتنافى مع عدل الله، وأن هذا من الظلم الذي ينزه الله عنه، فلا يأخذ سبحانه وتعالى أحداً بذنب غيره().
- وعلى زعم النصارى أن البشرية غارقة في خطيئة أبيهم آدم عليه السلام، ثاوية بالجحيم حتى جاء عيسى عليه السلام وخلصهم من ذلك بصلبه، تساءل كل من الخزرجي والقرطبي هل من هؤلاء الثاوين بالجحيم أنبياء الله إبراهيم وموسى وغيرهم ثم يجيبان على ذلك التساؤل بأن هذا لو كان لصرحت به التوراة ونطقت به الأنبياء السابقين لعيسى عليه السلام ().

- وبعد أن وضح القرافي أن صلب المسيح على قول النصارى إنما كان لخلاص العالم من خطيئة أبيهم آدم، سألهم ما معنى هذا الخلاص الذي يريدونه؟ هل هو من شرور الدنيا وآفاتها؟ فهاهم مشاركون لسائر البشر في الخير والشر. أو من تكاليف العبادة؟ فهاهم مخاطبون بالمبادرة. أو من أهوال يوم القيامة؟ فيكذبهم الإنجيل الذي ورد به قول الله: إني جامع الناس في يوم القيامة عن يميني وشمالي، فأقول لأهل اليمين: فعلتم خيراً، فاذهبوا إلى النعيم، وأقول لأهل الشمال؛ فعلتم شراً فاذهبوا إلى الجحيم () وبناء على ذلك فما فائدة الصلب والفداء إذن ()؟

- وبعد أن قرر الجعفري النصارى بقولهم: إن سبب الصلب هو التكفير من خطيئة آدم عليه السلام، ثم قولهم بتوبة آدم من هذه الخطيئة كما تصرح بذلك كتبهم ألزمهم بلازمين لا مفرد لهم منها:
- إن اعترفوا بتوبة آدم فما فائدة الصلب الذي يعتقدونه.
- إن قالوا بعدم توبته كذبتهم، وكلا اللازمين ببطلان عقيدة الفداء من الخطيئة ().


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق