موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"(الخلاصة)
1- بعد وفاة صلاح الدين كانت الأمة في مسيس الحاجة إلى شخصية متميزة، وإيمانه الكبير، وعبقريته العسكرية الفذة وقد ترك دولة مترامية الأطراف تشمل مصر والجزيرة العربية وبلاد الشام والجزيرة الفراتية، وخلفّ فراغاً لم يستطع أحد من أبنائه السبعة عشرة أو إخوانه أن يملأه وظهر خلفاء صلاح الدين الأيوبي على مسرح الأحداث التاريخية وكانوا مختلفين عنه سلوكاً وخلقاً وكان مستواهم العسكري والسياسي، لا يرقى إلى مستواه، ومن هنا ترك صلاح الدين الأيوبي فراغاً سياسياً كبيراً بموته.
2- استمر الفقهاء والعلماء في دورهم القيادي البارز في الدولة الأيوبية بعد وفاة صلاح الدين ولم ينقطعوا عن العطاء وواصلوا مسيرتهم لمساندة أبناء صلاح الدين وتأييدهم ونصحهم لتخطي العقبات التي تعترض طريقهم حفاظاً على وحدة الدولة الأيوبية وسلامتها لتقف صامدة متماسكة أمام التحدي الصليبي بعد فقد قائدها صلاح الدين.
3- كان القاضي الفاضل في بداية الأمر مقيماً بدمشق عند الملك الأفضل، وقد رأى في تصرفاته ما استنكره مثل وضعه لكل ثقته في وزيره الجديد القاضي ضياء بن الأثير، الذي حسّن للملك الأفضل أبعاد أمراء أبيه وأكابر أصحابه، ولكن الملك الأفضل لم يستجب لنصح القاضي الفاضل وعندئذ عزم القاضي الفاضل عن ترك دمشق والتوجه إلى الديار المصرية فاستأذنه وتوجه إلى الملك العزيز عثمان بمصر الذي أحسن استقباله وجعله عنده في محل والده، احتراماً، وتعظيماً له لما يعرفه من مكانته، وصار الملك العزيز لا يصدر أمراً إلا عن رأيه ومشورته.
4- حدثت صراعات عنيفة بين الأيوبيين وبعد وفاة الملك العزيز، استولى الملك العادل أخو صلاح الدين على الدولة الأيوبية وتمكن من السلطنة.
5- يعتبر النزاع الداخلي في الأسرة الأيوبية من أسباب ضعفها واضمحلالها وزوالها ، فمن سنة الله تعالى في الشعوب، والأمم وأسباب زوالها وهلاكها، الاختلاف.
6- إن حوادث الخلاف والمنازعات الداخلية بين أبناء البيت الأيوبي – حول تقسيم التركة التي خلفها صلاح الدين تملأ معظم تاريخ الدولة الأيوبية، ويرجع ذلك إلى تطبيق مبدأ اعتبار المملكة إرثا خاصاً بتقسيم أنصبة متساوية وغير متساوية " بين أبناء البيت المالك، كما يرجع إلى صلاح الدين نفسه الذي فضل أبناءه وأثرهم على أخيه العادل على الرغم من أنه أقدر القادرين على امتلاك ناصية الدولة بعده، فبينما حرص صلاح الدين على أن تكون أهم أقاليم المملكة لأبنائه، عين أخاه العادل على أطراف مبعثرة مثل الكرك والشوبك، على أن عوامل الانقسام ما لبثت أن دبت بين أبناء صلاح الدين أنفسهم.
7- انتهز الملك العادل الفرصة ورأى أن يجمع هذا الشتات تحت إمرته، فلم يتردد في فرض سلطانه على مصر إلى جانب أملاكه في الشام، وهكذا لم يمضي على وفاة صلاح الدين سوى سبع سنوات حتى طوى العادل معظم أولئك الأبناء، فحل محلهم في دولة موحدة، وقد سلك العادل في سبيل تحقيق هذا الهدف الطرق المشروعة وغير المشروعة، ولم يترك وسيلة إلا اتخذها، ما دامت توصله إلى مأربه وتظهر لنا سياسته بوضوح في تصريحه الخطير الذي ألقاه على من حوله من أمراء الدولة الأيوبية بمصر، مبرراً خلعه الملك منصور بن العزيز صلاح الدين : إنه قبيح بي أن أكون أتابك صبي مع الشيوخة والتقدم والملك ليس هو بالإرث وإنما هو لمن غلب.
8- كان ملوك بني أيوب يقومون بكل واجباتهم المعنوية تجاه منصب الخليفة وكان ملوك بني أيوب يُجدَّدون الولاء للخلفاء العباسيين عبر أداء قسم الولاء أو ما كان يعرف بالتحليف، ولم تنقطع الرسل بين ملوك بني أيوب وبين ديوان الخلافة، فكان يندر أن يخلو عام من رسل تتردَّد برسائل وغيرها أيام الدولة الأيوبية.
9- ساهم الصراع بين الأسرة الأيوبية على أضعاف تنفيذ مشروع الدولة النورية ودولة صلاح الدين في تحرير بلاد الشام من الوجود الصليبي وحاول الصليبيون الاستفادة من الصراع في البيت الأيوبي، وبالمقابل لم تخل هذه الفترة من ردود أيوبية على اعتداءات الصليبيين التي كانت تزج بهم البابوية إلى ساحات الشرق الإسلامي بهدف إعادة السيطرة الصليبية على بيت المقدس.
10- حرص الصليبيون على إبقاء الروح الصليبية فاعلة على الساحة الأوروبية، وقد تمثل ذلك بنجاحهم في العمل على جعل الغرب الأوروبي يرسل حملات صليبية جديدة.
11- عملت القوى الصليبية في هذه الفترة على تركيز جهودها على الجبهة المصرية، استمراراً للاستراتيجية الصليبية التي بدأت تتبلور بعد هزائمهم منذ أيام صلاح الدين، هذه الاستراتيجية التي ترى ضرورة السيطرة على مصر، بما يشكل للصليبيين ضماناً لاستمرار وجودهم في بلاد الشام.
12- كان الصراع محتدماً بين الشرق البيزنطي والغرب اللاتيني، بل كانت بينهم فجوة حضارية كبيرة وظل البيزنطيون ينظرون إلى الغرب الأوروبي نظرة ازدراء واحتقار لقد شعروا بأنهم خلفاء الرومان وحتى الإمبراطور الروماني، ولم تكن بيزنطة تعترف بوجود إمبراطور آخر في الغرب الأوروبي ومعنى ذلك أن كلا من الجانبين افتقد القدرة على الاعتراف بالآخر وهذه زاوية محورية من أجل فهم أبعاد الصدام الذي حدث عام 1204م/602ه ولم تكن الهوّة الحضارية هي كل ما في الأمر، بل إن الصراع العقائدي، لعب دوراً بارزاً هو الآخر، من أجل تعميق التباعد بين الجانبين.
13- في الحملة الصليبية الثالثة كان هناك تحالفاً قد تم بين السلطان الأيوبي صلاح الدين والإمبراطور البيزنطي إسحاق الثاني إنجليوس ومن المنطقي تماماً أن تسعى تلك الإمبراطورية إلى إيجاد توازن ما مع القوى الإسلامية المجاورة، فلم تكن لتقبل بانتصار ساحق للصليبيين على المسلمين في بلاد الشام، على نحو يؤدي إلى زيادة قوتهم وبالتالي يواجهون تلك الإمبراطورية بشراسة أكبر، لقد أرادت بيزنطة أن تجعل كافة الأطراف تحتاجها سلمياً أو حربياً من خلال لعبة توازن القوى التي برعت فيها في أحيان عديدة وقد كشفت الحملة الصليبية الثالثة على مدى العداء الذي كفته الجيوش الصليبية، لبيزنطة.
14- تغير مسار الحملة الصليبية الرابعة وتوجهت إلى القسطنطينية واحتلتها وحدث بالمدينة أكبر عمليات السلب والنهب التي شهدتها القرون الوسطى، وتعرضت للمصير المأساوي الذي تعرضت له مدينة بيت المقدس منذ ما يزيد على القرن من الزمان.
15-إن سقوط القسطنطينية على مثل هذه الصورة كان بمثابة كارثة على فكرة، الحملات الصليبية، كأن الحركة تنتحر، فمن قبل كان الإعلان عن ميلادها موجهاً لحرب "الكفار" وقصد بهم البابا حينذاك المسلمين، وأما الآن؛ فإن نطاق "الكفار" امتد ليشمل المخالفين لكنيسة روما في المعتقدات الدينينة.
16- إننا لأول مّرة منذ إعلان مشروع أوربان الثاني 1095م/489ه نجد أن الحركة الصليبية تتجه إلى تلك الوجهة وتسقط عاصمة أكبر إمبراطورية مسيحية في المنطقة على مدى المرحلة الواقعة من القرن العاشر الميلادي/الرابع الهجري إلى القرن الثالث عشر الميلادي/السابع الهجري وطول هذه القرون لم تسقط بيزنطة على أيدي الفرس والروس والنورمان، والمسلمين وغيرهم، إلا أن سقوطها كان على يد قوة مسيحية ممثلة في الغرب الأوروبي، ولذلك لا عجب والأمر كذلك أن تعتبر عام 1204م/602ه عاماً فارقاً في تاريخ الحملات الصليبية.
17- من الأهمية بمكان التقرير بأن مسؤولية العاصمة البيزنطية موزعة بين البنادقة، والبابا أنوسنت الثالث، والبيزنطيين أنفسهم ويتصور البعض أن البيزنطيين هم الضحية في كافة تلك الأحداث التي وقعت على أرض إمبراطوريتهم غير أن الواقع التاريخي، يؤكد أن بيزنطة سقطت من الداخل قبل سقوطها من الخارج، فالصراع على المنصب الإمبراطوري الذي سمح بالتدخل الأجنبي مثل فرصة ذهبية أمام الغرب الأوروبي أحسن استغلالها من أجل توجيه ضربة قاضية لبيزنطة ثم إن الضعف العام لتلك الإمبراطورية شجع أعداءها على الانقضاض عليها في غير هوادة.
18- كانت للحملة الصليبية الرابعة تأثير بالغ على مسار المشروع الصليبي بأكمله ويكفي أنه نتج عنه سقوط القسطنطينية لأول مرة في تاريخها منذ أن شيدها قسطنطين الكبير وافتتحها عام 330م وبالتالي فقد أدت الحملة الصليبية الرابعة إلى تغيير خريطة التوزيعات السياسية لشرق أوروبا إلى حد كبير وأزالت السيادة البيزنطية قسمتها إلى عدة مناطق وأعادت تركيب المنطقة على أساس المصالح الاقتصادية والسياسية الجديدة.
19- إن النكبة التي نكبت بها الإمبراطورية البيزنطية عام 1204م/602ه أدت إلى التمهيد – بصورة أو بأخرى – لحدوث الإنهيار النهائي لها على أيدي الأتراك العثمانيين عام 1453م/857ه في عهد قسطنطين الحادي عشر (1449م – 1453/853 -857ه) بقيادة السلطان محمد الفاتح ونستطيع وصف مرحلة القرنين والنصف قرن بين التاريخين المذكورين بأنها مرحلة احتضار بيزنطي طويل الأجل انتهى بأن خرجت بيزنطة بعده من التاريخ بجدارة مثلما دخلته من قبل بجدارة أيضا وأصبحت عاصمة الدولة العثمانية وعادت إلى مركز الريادة العالمي من جديد، وساهمت في إشعاع نور الحضارة والعلم والمعرفة في أنحاء المعمورة.
20- كانت الحملة الصليبية الرابعة التي وجهت أصلاً إلى مصر قد انحرفت عن مسارها إلى القسطنطينية بفعل دوافع اقتصدية ودينية وسياسية، فإن الحملة الصليبية الخامسة جُدَّد لها أن تغزو مصر بعد أن اقتنع القادة الصليبيون بضرورة ضرب مصر لتأمين ممتلكاتهم في بلاد الشام واستعادة السيطرة على بيت المقدس.
21- كان الملك العادل قد تمكن من السيطرة على مقاليد الأمور وصار الشخصية البارزة في البيت الأيوبي واتبع سياسة سلمية تجاه الصليبيين بصفة عامة وفضل الحلول الدبلوماسية أو التلويح باستخدام القوة دون استخدامها فعليا، وفي الحقيقة؛ أن العادل الأيوبي بتلك السياسة ابتعد كثيراً عن سياسة السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، ويبدو أنه كان يخشى أن يؤدي تعامله العسكري مع الصليبيين إلى قدوم حملة صليبية بنفس الثقل العسكري والسياسي للحملة الصليبية الثالثة.
22- أدّت البابـوية دوراً مهـماً في الحمـلة الصليبية الخامسة فقد قام البابا إنوسنت الثالث (594ه -613ه/1198 – 1216م) بعمل صليبي ضخم وسعى جاهداً طوال مدة جلوسه على البابوية أن يفرض سيطرته على الممالك النصرانية في أوروبا يوجَّهها وفق المصلحة النصرانية العامة، وقد نجح في ذلك إلى حد كبير لدرجة أنه أصبح سيداً على كل ربوع أوروبا تقريباً، كما أن انتصار النصارى على المسلمين في موقعة (609ه/1212م) في أسبانيا شجعه على الدعوة للحملة الصليبية الخامسة، فأراد أن يتبع هذا الانتصار في الغرب آخر في الشرق، ورحبت المدن الإيطالية التجارية بدعوة البابا نظراً لما يعود عليها من منافع تجارية على الرغم من أن العادل منح هذه الجمهوريات بعض الامتيازات في بعض الموانئ وهناك عامل اجتماعي آخر أدَّى دوراً بارزاً في الاستجابة للدعوة البابوية، ذلك أن الحملات الصليبية كانت متنفساً للعامة في أوروبا ووسيلة للتخلص من الظلم الاجتماعي، ومن دفع الديون وفوائدها، فضلاً عن البحث عن مناخ أفضل للحياة، بالإضافة إلى التكفير عن خطاياهم للقيام بالحملة المنتظرة.
23- شجع العلماء والفقهاء أولى الأمر على التصدي للصليبيين ونزلوا إلى ميدان الجهاد مقاتلين في سبيل الله، خالعين العمائم متزينين بزي الجند، حاملين السلاح دفاعاً عن الإسلام والمسلمين فكان في مقدمتهم الفقية شهاب الدين بن البلاعي الذي كان أحد الجنود المقاتلين في صد الضربات العنيفة التي وجهها الصليبيون بغتة ضد مدينة حماة عام 601ه/1204ه ناقضين الهدنة المنعقدة بينهم وبين صاحب حماة في العام الماضي.
24- في عصر الممالك الأيوبية كانت إيطاليا تتشكل من جمهوريات مستقلة وكانت كل جمهورية منها تقوم في مدينة كبرى، مثل البندقية، بيزا، جنوة، وأمالفي، ولكنها كلها تتبع نمطاً اقتصادياً واحداً، يقوم على التجارة البحرية وقد تمكنوا جميعاً، بفضل الأساطيل المتنوعة الضخمة من أن يحقَّقوا أرباحاً خيالية، وأن تصل هذه المدن إلى مستويات عالية من الثروة.
25- أدركت الدولة الأيوبية حاجتها لكسب التجار الإيطاليين فلّوحت لهم بالمكاسب وعقدت معهم الاتفاقات على أساس الفائدة المشتركة فتحدوا كلَّ قرارات المنع وكل التزام ديني ونقلوا البضائع من وإلى الموانئ الإسلامية وخاصة موانيء مصر.
26- كان للملك العادل دور كبير في تشجيع التجارة عبر مصر ففي سنة 608ه/1211م كان يجتمع في مدينة الإسكندرية وحدها ثلاثة آلاف تاجر من (الفرنج) ما عدا مرافقيهم ومساعديهم، وعمّالهم وبحَّارة سُفُنهم مما شكل حركة تجارة نشطة، كانت الدولة الأيوبية بأمس الحاجة إليها لحاجتها إلى كثير من المواد المجلوبة وللرسوم.
27- في سنة 597ه اشتد الغلاء بأرض مصر جداً، فهلك خلق كثير جّداً من الفقراء والأغنياء ثم أعقبه فناء عظيم حتى حكى الشيخ أبو شامة في الذيل أن العادل كفن من ماله في مدة شهر من السنة نحوا من مائتي ألف وعشرين ألف ميَّت وأكلت الكلاب والميتات في هذه السنة بمصر، وأكل من الصَّغار والأطفال خلق كثير يشويه والداه ويأكلانه.
28- كان البيت السلجوقي في الصراع الداخلي إذا ظفر واحد منهم بأخيه أو ابن عمه أعدمه، وأحسن أحواله أن يعتقله حتى يموت وكان بنو أيوب يتحاربون وتجري بينهم العداوة الشديدة، ثم يجتمع بعضهم ببعض، وربما صعد بعضهم إلى قلاع بعض، ثم بفارقه بعد المقام عنده على حال جميلة والعداوة والمنافرة باقية بحالها.
29- عندما تولى الملك الكامل السلطنة تصدى للغزاة الصليبيين في الحملة الصليبية الخامسة وكانت جهوده مشكورة، وعمل على استنزاف القوات الصليبية وحرمها من الراحة والهدوء وطلب المدد والعون من إخوانه، فوصل الملك المعظم من الشام فقوى قلب الملك الكامل.
30- بدأ الصليبيون بإحكام الحصار حول مدينة دمياط من البر والبحر وضيقوا على أهلها، ومنعوا وصول الأقوات إليهم، وبدأت حاميتها بالإنهيار ولكن سكان المدينة استمروا في قتال الصليبيين وثبتوا مع قلة الأقوات وكان الملك الكامل يرسل بعض العوامين ليتحسس أخبار الأهالي في دمياط ويطمئنهم على وصول النجدات إليهم.
31- شدّد الصليبيون الحصار على دمياط وضيَّقوا على أهلها، ومنعوا وصول الأقوات إليها، وفي المقابل كانوا متحصنين داخل معسكراتهم المحاطة بالخنادق والأسوار وتعذر على الكامل محمد إمداد المدينة بالرجال والمؤن وبدأت حاميتها بالإنهيار وأخيراً سقطت دمياط في 25 شعبان 616ه/تشرين 1219م.
32- كان أسلوب الصليبيين في دمياط بربرياً همجياً، متخلفاً بعيداً عن الحضارة والقيم الإنسانية النبيلة.
33- ظل الملك الكامل مرابطاً في المعسكر الذي أطلق عليه فيما بعد المنصورة وقد اتخذ كثيراً من الإجراءات لإشغال الصليبيين ووقف زحفهم على القاهرة، فوضع بعض السفن الإسلامية في بحيرة تنيس لمناوشته الصليبيين وكلف الكثير من الفرسان والعربان بالإغارة على القوات الصليبية باستمرار وشجع على أسر أو قتل الصليبيين وخصص المكافآت لكل مسلم يأسر عدواً، وقد نجح المسلمون في أسر آلالآف من العساكر الصليبية أثناء هذه المناوشات والغارات.
34- عندما زحف الصليبيين نحو القاهرة جعل الملك الكامل من المنصورة محور الإرتكاز لجميع خططه واستطاع أن ينزل قوات خلف الجيش الصليبي المتقدم فقطع عليه خط الرجعة وعزله عن دمياط، كما أجهز على سفنه الراسية بين المقدمة والمؤخرة، وحاصره براً وبحراً، ثم أرسل قوة عسكرية عبرت إلى الأراضي التي يعسكر فيها الصليبيون، ففجرَّوا سدود المياه فلم يشعر هؤلاء إلا وقد غرقت أكثر الأراضي المحيطة بهم وأحكم الملك الكامل خططه وسيطر المسلمون على الموقف واضطر الصليبيون للصلح.
35- ولما فتحت دمياط دخلها الملك الكامل وفي خدمته إخوته وملوك أهل بيته وكان يوم دخوله إليها يوماً مشهوداً، ثم توجه إلى القاهرة وأذن للملوك في الرجوع إلى بلادهم.
36- كشفت الحملة الصليبية الخامسة بجلاء أن الصليبيون لديهم الإصرار على التوسع جنوباً في مصر وكشفت الطابع التنصيري للحركة الصليبية، حيث كان حرصهم واضحاً على تحويل مسلمي المنطقة إلى مسيحيين يتبعون الكنيسة الأم في روما، وبذلك يكونوا قد استهدفوا الهوية الدينية ذاتها.
37- كشفت تلك الحملة العلاقة الأبدية بين مصر والشام إذ أن كلا منهما عمق استراتيجي للآخر، وعندما تعرضت أرض الكنانة للخطر قدم إليها الدعم والعون الحربي من شقيقتها الجغرافية والتاريخية لبلاد الشام وهكذا وجد الخطر الصليبي المشترك تاريخ المنطقتين المتجاورتين بصورة أكدتها مراحل التاريخ السابقة وكذلك التالية.
38- كشفت قصر نظر الملك الكامل الأيوبي فيما يتعلق بالعروض البالغة السخاء، والسذاجة للصليبيين وقد توافر لديه إصرار مثير للعجب على تقديم بيت المقدس للغزاة في مقابل خروجهم من مصر.
39- كان رد الفعل الإسلامي عظيماً إزاء هذه النتيجة التي أسفرت عنها الحملة الصليبية الخامسة، فكانت فرحة المسلمين عظيمة بعودة دمياط إليهم، خاصة الفقهاء والعلماء والشعراء الذين أخذوا يتبارون في إنشاد قصائد التهاني بهذا النصر الكبير معبرين فيها عن مدى فرحتهم ومدى إحساسهم بأهمية عودة دمياط إلى المسلمين.
40- أبرم الملك الكامل اتفاقية مع الصليبيين مدتها ثمان سنوات نصت على إطلاق كل فريق ما عنده من الأسرى وتم للأيوبيين القضاء على الحملة الخامسة نتيجة لتعاونهم وخطتهم المحكمة.
41- كثرت محاولات خلع الملك الكامل والتمرد عليه بالرغم من شجاعته، وحسن تدبيره، فكثر عنده الشك في مدى إخلاص العاملين من القادة والوزراء فكان كلما شك في إخلاص بعضهم عزلهم وصادر أموالهم.
42- كان الملك الكامل يتمتع بجميع السلطات إذ كان يشرف على جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية ويرسم سياستها، فهو الذي يعين ويعزل ولي العهد، ونائب الملك والوزير وأمراء الجيش والقضاة ونظارين الدواوين وكبار الموظفين ويعقد المعاهدات ويعلن الحرب يساعده عدد من القادة والوزير، ونواب الولايات والولاة وكان يساعد الملك الكامل نائب له في كل ولاية وكان النائب يقوم مقام الملك في شؤون ولايته كافة فهو النائب وقائد الجيش وينفذ القوانين ويوقع المراسيم وحافظ الملك الكامل على التقسيمات الإدارية التي كانت سائدة في عهد والده العادل.
43- حرص الملك الكامل على توفير الأمن الداخلي في البلاد وأقام في كل طريق خضراء (حراساً) للمحافظة على سلامة المسافرين وضرب على أيدي اللصوص بيد من حديد، فأطمأن الناس في سفرهم ولاسيما أثناء أدائهم فريضة الحج، ونقل تجارتهم وقد عرف الملك الكامل بأنه كان حازماً سديد الرأي حسن التدبير.
44- تحفظ الملك الكامل عن بعض أفراد طائفة الإسماعيلية ولاسيما عن أبناء الخليفة الفاطمي العاضد، وحصر نشاطهم فعندما توفي الأمير داود ابن العاضد أستأذن بعض عناصر الطائفة لندب الأمير المتوفي والنواح عليه، أذن الكامل لهم فخرجت النساء حاسرات الرأس في ثياب الصوف وأخذت ندبه والنياحة عليه واجتمع دعاة الإسماعيلية في السر، فلما تكامل عددهم وجمعهم، أرسل الملك الكامل إليهم مجموعة من الجند قبضوا على المشهورين منهم وصادروا أموالهم، ففر من بقي منهم ولم يجسر أحد بعدها على أن يتظاهر بمذهب الإسماعيلية الرافضية الباطنية.
45- اهتم الملك الكامل بالقضاء وقد اعتمدت أصول المحاكمات والقضاء على التشريع الإسلامي في عهده واشتهر معظم القضاة بالنزاهة والعدل وتابع الملك الكامل الدواوين لوقف الفساد فيها، ومنع الرشوة، والسرقة حفاظا على جودة الدواوين وسيرها.
46- توخى الملك الكامل رعاية مصالح أهل الذمة وتابع مشاكلهم وعاملهم معاملة جيدة وحاول حل الأزمة التي تعرضت لها الكنيسة القبطية عندما خلا مركز البطركية، إثر وفاة بطريك اليعاقبة شوروس أبي غالب عام 612ه /1215م.
47- حول الملك الكامل إضفاء نوع من الاستقرار على العملة، فعندما انتهت الحملة الخامسة بالصلح بين المسلمين والصليبيين استقرت الأوضاع الاقتصادية وسرعان ما ازدهرت العلاقات التجارية مع أوروبا، بعد صلح يافا الذي عقد بين الملك الكامل والإمبراطور فردريك الثاني، فتدفق الذهب إلى مصر، إذ جلبه التجار الأوروبيون لاستخدامه لأغراض التجارة، فإزدادت شهرة الدينار الكمالي.
48- سلمّ الملك الكامل القدس للإمبراطور فردريك الثاني بعد صلح يافا ومجئ ما يسمى بالحملة الصليبية السادسة وقد أثارت هذه المعاهدة موجة عارمة من السخط والأسى في الرأي العام الإسلامي كله، وعند الفقهاء والعلماء بوجه خاص، وقد اعتبر المسلمون أن تسليم بيت المقدس للصليبيين بهذه السهولة يعتبر تفريطاً في حق الإسلام والمسلمين وأصبحت هذه المعاهدة وصمة عار في جبين البيت الأيوبي بصفة عامة وللملك الكامل بصفة خاصة.
49- كانت وفاة صلاح الدين الأيوبي نهاية مرحلة تاريخية وبداية مراحلة جديدة وثمة مراحل تاريخية ترتبط فيها أمور البلاد والعباد بالشخصية الكارزمية للحاكم أو الصفوة الحاكمة وتتمثل خطورة مثل هذه المراحل في أن غياب الحاكم ذي الصفات الأخلاقية السامية، وعدم وجود خليفة له يحمل نفس صفاته، يؤدي بالضرورة إلى تدهور المشروع الذي كرّس نفسه له، أو سير الأمور في اتجاه معاكس للاتجاه الذي يسير فيه والناظر في تواريخ الأمم والشعوب يجد أن هذه الحقيقة تصدق على كافة شعوب الأرض، ولم تنج منها غير الشعوب التي تمكنت من أن تقيم المؤسسات الدستورية والقانونية.
50- تطورت المشروعات الصليبية في الغرب الأوروبي وانتهج خلفاء صلاح الدين سياسة مهادنة إزاء الصليبيين تقوم على رد الفعل أكثر مما تقوم على المبادأة والمبادرة فقد كان لإنشغال الأيوبيين بمنازعتهم من جهة واهتمامهم بالهدنة مع الفرنج وتجديدها من جهة أخرى أثر إيجابي على الصليبيين الذين وجدوا الفرصة لإلتقاط أنفاسهم وحشد المساعدات من الغرب الأوروبي لمساعدتهم، ولم يحدث تطور عسكري أو فكر سياسي متقدم عند الأيوبيين وغابت روح الحسم العسكري التي أقامت الدولة الأيوبية، بل تلاشت وخصوصاً في عهد الكامل وتظهر بعض الملامح العسكرية التي أقامتها الممالك الأيوبية بعد صلاح الدين.
51- إن النتيجة الكبرى للحملة السادسة تمخضت عنها عودة بيت المقدس دون إراقة الدماء ومن خلال حملة صليبية عجيبة خرجت ولعنات البابا تلاحق زعيمها فردريك الثاني.
52- ما كاد الصالح أيوب يتولى ملك مصر حتى أبدى أمراء الأيوبية في الشام استياءهم ورفضوا الخضوع لسلطانه، وكان أشدهم تصلباً عمه إسماعيل صاحب دمشق.
53- تحالف الملك الصالح أيوب مع الخوارزمية الذين أعادوا فتح بيت المقدس وتمكنوا مع جيش الملك الصالح أيوب من إلحاق هزيمة ساحقة بالتحالف الشامي الصليبي.
54- كانت سياسة الملك الصالح نجم الدين أيوب تجاه الخلافة العباسية تتسم بنفس التوجيهات التي تبناها أسلافه السلاطين الأيوبيين من حيث الاعتراف بمؤسسة الخلافة وشرعية سيادتها على العالم الإسلامي، والإلتزام بتطبيق ذلك في الخطبة وسك النقود الرسمية الأخرى.
55- ينسب إلى السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب إدخال تشكيلات جديدة على القوّة العسكرية التي كان يتكون منها جيش السلطان الأيوبي فقد اتخذ جملة من الإجراءات العسكرية تبناها السلطان الملك الصالح نجم الدين لتقوية الجيش الذي كان يترأسه ومن أهمها؛ اهتمامه الكبير بشراء المماليك والغلمان والأتراك بشكل لم يسبق له نظير في تاريخ السلطنة الأيوبية.
56- اهتم الأيوبيون بتربية المماليك وتعليمهم ما يحتاجون إليه من القرآن الكريم، ولكل طائفة فقيه يأتيها كل يوم، ويأخذ في تعليمها القرآن ومعرفة الخط والتمرين بآداب الشريعة الإسلامية وملازمة الصلوات والأذكار وصار الرسم إذ ذاك لا يجلب التجار إلا المماليك الصغار ويتربون دينياً ويتدربون عسكرياً على جميع أصناف القتال ويتدرجون في الرتب العسكرية بعد ذلك وينتقل في أطوارها رتبة بعد رتبة إلى أن يصير من الأمراء فلا يبلغ هذا إلا وقد تهذبت أخلاقه وكثر أدابه وأمتزج تعظيم الإسلام وأهله بقلبه واشتد ساعده في رماية النشاب، وحسن لعبه بالرمح ومرن على ركوب الخيل.
57- تبنى البابا أنوسنت الرابع الحملة الصليبية السابعة وأعلن تأييده لها وكانت دعواه عاملاً فعالاً في إعدادها فضلاً عن لويس التاسع الذي أخذ على عاتقه مهمة النهوض بالحملة وقد استغرق إعداد الحملة ثلاثة سنوات، وفرضت ضرائب استثنائية على الجميع.
58- عندما قّرر الصليبيون الزحف نحو القاهرة توفي الملك الصالح أيوب وكانت محنة عظيمة ألمت بالمسلمين وكان عمره عند وفاته 44 سنة وقد عهد لولده الملك المعظم تورانشاه.
59- قرر الصليبيون الزحف صوب القاهرة بعدما وصلت إليهم بعض الإمدادات، ورتب الملك لويس حراسة قوية لحراسة المدينة بعد تحرك القوات الصليبية، وظهرت على مسرح الأحداث شجرة الدر وقررت إخفاء خبر وفاة زوجها الملك الصالح أيوب.
60- عندما وصل تورانشاه ابن الملك الصالح أيوب مصر أعلنت شجرة الدر وفاة زوجها وسلمّت مقاليد الأمور للسلطان الجديد، فأعَّد خطة عسكرية كفلت له النصر النهائي على الصليبيين ووقع لويس التاسع في الأسر.
61- ساهمت مجموعة من الأسباب في هزيمة الحملة الصليبية السابعة والتي من أهمها، التطوير العسكري الذي حدث في الجيش الأيوبي ورافق هذا التطوير الاهتمام الديني به من حيث التربية والتعليم حتى أصبحت كتاب المماليك تدافع عن عقيدة الإسلام، وأصبحت الدولة تحتفظ بجيش عقائدي ومنظم ومدرب ومن الأسباب أيضاً، وحدة الصف الإسلامي فقد كانت مصر والشام تحت زعامة واحدة ولاحت بشائر النصر منذ وصول الجيوش الشامية إلى مصر، وكان السلطان الصالح أيوب يتمتع بنفوذ حقيق على رجال دولته وقادة جيوشه وكانت أهم صفة يتحلى بها الجند الإسلامي هي الطاعة لأوامر قائدهم، كما كان لنزول العلماء والفقهاء أثر في سحق الأعداء والانتصار عليهم، فقد انضم إلى صفوف المجاهدين كوكبة من العلماء، كالعز بن عبدالسلام وغيره كما ساهم في الهزيمة عوامل أخرى.
62- كان من نتائج الحملة الصليبية السابعة، عجز فرنسا عن تحقيق أهدافها، إتاحة فرصكة لظهور المماليك ووصولهم للحكم، تضرر الاقتصاد الأوروبي، تخريب مدينة دمياط، حزن عظيم في فرنسا وأوروبا، واضطرابات سياسية تسببت في عودة لويس التاسع إلى أوروبا، ضعف الروح الصليبية.
63- تباينت الآراء واختلف المؤرخون حول شخصية تورانشاه وتعددت أسباب قتله في نظرهم ولكنهم اجتمعوا على قتله على يد مماليك أبيه البحرية.
64- من شيوخ عهد الملك الصالح نجم الدين، الشيخ العز بن عبدالسلام وقد ترك للأمة ثروة من المصنفات والرسائل المفيدة والفتاوى السديدة بينت لنا منزلته الرفيعة وإطلاعه الواسع على حقائق الشريعة وغوامضها وباعه الطويل في معرفة مقاصد الشريعة وفهمه السليم لمعاني القرآن الكريم ومراميه السامية التي رعاها الشارع الحكيم من أجل إسعاد البشرية عامة، بإخارجها من ظلمات المفاسد ومضارها إلى نور المصالح وخيراتها.
65- حدث حوار ثقافي وجدل عقائدي، ومناظرات فكرية بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية وكانت من أهم موضوعات الجدل والحوار الثقافي، والدعوة للتوحيد، وإلى اعتناق الإسلام بشكل مجمل، والإيمان بالقرآن، وبشرية المسيح عليه السلام ونبوته وتّم مناقشة عقائد النصارى والتي من أهمها نقض الأمانة، واختلاف الأناجيل، وقول النصارى في المسيح، وإبطال التثليث وإبطال الاتحاد والتجسد ونفي الألوهية عن المسيح، ونفي نبوة المسيح لله سبحانه وتعالى وإبطال الصلب وحقيقة التعميد، وقضية صكوك الغفران، وأعياد النصارى وصلاتهم وصيامهم وتشريعهم في الزواج، وتركهم الختان، وتعظيمهم للصور والتماثيل.
66- من الشبه التي أثارها النصارى في عصر الحروب الصليبية، دعوى خصوصية رسالة النبي صلى الله عليه وسلم بالعرب، ودعوى أن القرآن ورد بتعظيم النصارى والثناء عليهم، وشبهات تعدد الزوجات في الإسلام، ودعوى انتشار الإسلام بالسيف وانتقادهم للطلاق في الإسلام، ودعوى أن المسلمين وثنيون وكفار.
67- كان القائمون على دعوة النصارى في عصر الحروب الصليبية، القادة والولاة، والعلماء وكانت وسائل الدعوة الإسلامية، الكتب، والجهاد، والرسل، والمسجد، والرسائل، وقد استخدم المسلمون وسائل دعوية متعددة، منها، العقلية، كالسير والتقسيم وقياس الأولى، والقياس المساوي، وقياس الخلف، والمحاكمات العقلية، وتناقض الخصوم والمقارنة، كما استخدمت الأساليب العاطفية كالاستهزأ والتهكم، واللين والتلطف والقصة، والتكرار والاستفهام والتعجب واستخدام الشعر في تأدية بعض المعاني.
68- كان لدعوة المسلمين للنصارى آثار ملموسة، كدخول أعداد كبيرة من النصارى في الإسلام، وتأثرهم بعادات المسلمين وأخلاقهم وتقاليدهم، وتحسن نظرة كثير من النصارى للإسلام والمسلمين، ونجاح المسلمين في كسب بعض النصارى الصليبيين، وحسن معاملتهم لمن تحت أيديهم من المسلمين، وظهور عزة الإسلام وتغير التكتيك الصليبي، وتأجيل إخراج المسلمين من الأندلس وغير ذلك من الآثار.
69- نلاحظ أن فكرة صراع المشاريع لا زالت مستمرة معنا وظهر المشروع المغولي على مسرح الأحداث الدولية لذلك العصر.
70- إن هذا الكتاب من سلسلة موسوعة الحروب الصليبية قابل للنقد والتوجيه وما هو إلا محاولة جادة هدفها معرفة تاريخ الأمة والوقوف على عوامل النهوض وفقه المقاومة الذي مارسه المسلمون وبيني وبني الناقد قول الشاعر:
إن تجد عيباً فسد الخللا
جلّ من لا عيب فيه وعلا
وقول الشاعر:
وما بها من خطأ ومن خلل
أذنت في إصلاحه لمن فعل
لكن بشرط العلم والإنصاف
فذا وذا من أحسن الأوصاف
والله يهدي سبل السلام
سبحانه بحبله اعتصامي
وأسأل الله العلي العظيم رب العرش الكريم أن يتقبل هذا الجهد قبولاً حسناً وأن يبارك فيه وأن يجعله من أعمالي الصالحة التي أتقرب بها إليه وأن لا يحرم إخواني الذين أعانوني على أكماله والقارئ الكريم من الأجر والمثوبة واختم هذه الخلاصة بقول الله تعالى "ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنا إنك رءوف رحيم"(الحشر، آية: 10).
ويقول الشاعر:
أنا الفقير إلى رب البريات
أنا المسكين في مجموع حالاتي
أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي
والخير أن يأتينا من عنده يأتي
لا أستطيع لنفسي جلب منفعة
ولا عن النفس لي دفع المضّرات
والفقر لي وصف ذات لازم أبداً
كما الغني أبداً وصف له ذاتي
وهذه الحال حال الخلق أجمعهم
وكلهم عنده عبد له آتي
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك
وأتوب إليك وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق