483
موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"
الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب
المبحث الخامس:أسباب سقوط الدولة الأيوبية:
خامسا:النزاع الداخلي في الأسرة الأيوبية:
إن سنة الله تعالى ماضية في الشعوب والأمم لا تتبدل ولا تتغير ولا تجامل، وجعل الله سبحانه وتعالى من أساب هلاك الأمم وزوال الدول الاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا. وفي رواية "فأهلكوا" وعند ابن حبان عن ابن مسعود رضي الله عنه : فإنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف(). إن من الدروس المهمة في هذه الدراسة التاريخية أن نتوقى الهلاك بتوقي أسباب الاختلاف المذموم، لأن الاختلاف كان سبباً من الأسباب في ضياع الدولة الأيوبية وهلاكها واندثارها وكان لهذا الاختلاف الذي وقع في البيت الأيوبي أسبابه منها: ضعف الوازع الديني عند بعض الأمراء الأيوبيين، الأنانية وحب الذات والتكالب على المصالح الدنيوية والتناحر من أجلها، والحرص على السلطة والجاه والمناصب، وتحكيم بعض الملوك الأيوبيين، أهواءهم في الأمور، فهذه الأسباب كانت وقوداً للمنازعات والخلافات التي وقعت بين أفراد البيت الأيوبي، فكانت من أكبر معاول الهدم وأسباب الضعف وتلاشي الدولة، وقد استقرأ هذه الحقيقة ابن خلدون، حيث ذكر أن من آثار الهرم في الدولة انقسامها وأن التنازع بين القرابة يقلص نطاقها كما يؤدي إلى قسمتها ثم اضمحلالها (). لقد بدأ الخلاف المؤثر في الأسرة الأيوبية بعد وفاة صلاح الدين وسرعان ما انغمس الأيوبيون في صراعاتهم الداخلية فلم يحترم الأخ أخيه والعم بني أخيه، واستغل الملك العادل الأيوبي الجهل والطيش الذي اتسم به أبناء صلاح الدين، إذا إنه استخدم علاقاته القديمة ومكانته لتحقيق هزيمة سياسية وعسكرية لجيش الملك العزيز قبل أن يستل جندي واحد سيفه من غمده؛ إذ كانت المنافسة قائمة بين الأمراء الصلاحية "أمراء صلاح الدين" والأمراء الأسدية "أمراء أسد الدين شيركوه الذين ورثهم صلاح الدين في جيشه ونجح العادل في الإيقاع بين الفريقين ()وقد وصف القاضي الفاضل الخلاف في البيت الأيوبي بقوله: أما هذا البيت، فإن الآباء منه اتفقوا فملكوا، وإن الأبناء منهم اختلفوا فهلكوا وإذ غرب نجم فما الحيلة في تشريفه، وإذا بدأ تخريق في ثوب فما يليه إلا تمزيقه، وهيهات أن يسد على قد طريقه وقد قدر طروقه، وإذا كان الله مع خصم على خصم فمن كان الله معه فمن يطيقه ()واستمر الصراع في الأسرة الأيوبية بعد وفاة الملك العادل، حيث اشتد النزاع بين أولاده الملك المعظم والملك الكامل أبناء البيت الأيوبي كما رأينا في هذا الكتاب.
لقد أقدم الأيوبيون على عمل خطير، فهم قد انتحروا عندما تقاتلوا فيما بينهم وتبادلوا مواقع الموت، لقد أجهزوا على أنفسهم بنزاعهم الداخلي.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق