إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014

478 موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين" الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب المبحث الخامس:أسباب سقوط الدولة الأيوبية: أولاً:توقف منهج التجديد الإصلاحي: 1-نقص الفقه الحركي وجه نشاطات المدارس الإصلاحية:


478

موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"

الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب

المبحث الخامس:أسباب سقوط الدولة الأيوبية:

أولاً:توقف منهج التجديد الإصلاحي:

1-نقص الفقه الحركي وجه نشاطات المدارس الإصلاحية:

فإن مدارس الإصلاح في هذا العصر ركزت نشاطاتها على تحقيق عنصر "الإخلاص" في العمل، أي أنّها ركزت على التربية أكثر من الاستراتيجية، ولذلك لم تفرز "فقه الحكمة" اللازم لتنظيم مؤسسات السياسة والإدارة والاقتصاد وتنظيم مسؤوليات العاملين فيها وأدائهم، وحسن استثمار الموارد البشرية والمادية بما يناسب حاجات المكان والزمان، وإنما اكتفت بـ (فقه) الآباء الذي يركز على "المظهر الديني للعبادة" دون "المظهر الاجتماعي" وصار شيوخها ومتعلموها يسلكون طريق "الزهد" وينتمون إلى مذهب من المذاهب الفقهية التقليدية في آن واحد ولهذا يؤُصف الواحد منهم بانه – مثلاً "قادري السلوك" و"شافعي المذهب" كذلك لم تطرق هذه المدارس ميادين "الفقه" المتعلق بالمظهر الكوني للعبادة والمؤدي إلى تطور العلوم الطبيعية وتسخير تطبيقاتها في ميادين الحضارة المادية المختلفة وهذا النقص في الفقه السياسي والإداري جعل المنجزات التي حققها جيل صلاح الدين تعتمد على صلاح الشخصيات أكثر من فاعلية المؤسسات فلما غابت الشخصيات القيادية عن مسرح الحياة برز تأثير العالم الثاني، أي أثر قيم العصبيات الأسرية والقبلية التي عادت لتوجَّه مؤسسات الحكم والإدارة بما فيها مدارس الإصلاح نفسها، وهذا التطور السلبي أفرز ظواهر سلبية منها:

أ- حين لم يجد جيل الأبناء فقهاً سياسياً وإدارياً ينظم عملية تعيين الحاكم ومؤسسات الحكم والإدارة، ارتد إلى تقاليد العصبية الأسرية والقبلية وروابط الدم التي تعتبر الحكم وقيادة المؤسسات التربوية والعلمية ميراثاً يرثه الأبناء عن الآباء، الأمر الذي أدّى إلى تفكك الدولة وانقسامها حيث تقاسم الأبناء ما وحدّه جيل الآباء، وأداروه طبقاً لتقاليد العصبيات الأسرية التي سبقت جيل الإصلاح والتي كانت تعتبر أراضي الدولة ومدنها وسكانها إقطاعات يتصّرف بها الحكام ويتبادلونها بالبيع والشراء وصفقات الحرب والصلح.

ب- أدى النقص في الفقه السياسي الإداري إلى إنفجار الفتن بين الملوك وأمراء الجيش من ذلك ما حدث بين الملك الكامل وبين عماد الدين أحمد بن المشطوب الكردي الهكاري الذي يصفه ابن خلكان بأنه كان صلاح الدين قد أقطعه وهو شاب إقطاع نابلس إكراماً لوالده سيف الدين أبو الهيجاء المشطوب الهكاري الذي كان من كبار أمراء الجيش الصلاحي وقادته، فقد اتفق عماد الدين بن المشطوب مع الأكراد الهكارية على خلع الملك الكامل وتمليك أخيه الفايز، ولكن المحاولة لم تنجح ودب الاضطراب في معسكر الجيش الذي كان في مواجهة الصليبيين، وانسحب عماد الدين إلى قلعة تلغفر بين الموصل وسنجار وانتهى أمره بالقبض عليه واعتقاله في قلعة حران حيث بقي فيها حتى وفاته عام 610ه ()، والخلاصة أن الجدب في الفقة السياسي والإداري أفرز – بعد جيل صلاح الدين – قيادات وإدارات متسلطة فردية، عملت على أن تحكم الأمة بقيم: القوة فوق الشريعة، والفردية بدل العمل الجماعي، والتسلط بدل الشورى والإرتجال بدل التخطيط ().

ج- قامت الدولة الأيوبية على تبني فكرة الجهاد وكانت التعبير العملي على مدى أصالة فكرة الجهاد الإسلامي وعن مدى عمق هذه الفكرة في نفوس المسلمين في كل من مصر والشام وقد انعكس هذا العمق، وتلك الأصالة في الصفحات المشرفة التي سجلها بجهاده صلاح الدين، إذا انتقلنا إلى الصورة التي كانت عليها الدولة الأيوبية في سنواتها الأخيرة نجد أنها قد صارت بعيدة إلى حد كبير عن الصورة التي كانت لها في سنواتها الأولى وهذا يعني أنها قد أصبحت في واد، والفكرة التي قامت عليها في واد آخر، ولو قدر واستمرت الدولة الأيوبية بالصورة التي كانت عليها في سنواتها الأخيرة لكان معنى ذلك نهاية أو سقوط فكرة الجهاد الإسلامي وترك الساحة للصليبيين يرسمون مستقبلها ومقدرات شعوبها كما يريدون، وإذن فإن اختفاء الدولة الأيوبية وقيام المماليك مقامها كان التعبير العملي لرفض فكرة الجهاد وتخلص من هذا إلى القول بأن اختفاء الدولة الأيوبية، وقيام دولة المماليك مقامها كان رفضاً عملياَّ لأن تسقط فكرة الجهاد، كما كان أيضاً تأكيداً عملياً لقوة هذه الفكرة وضرورة استمرارها حتى تحقق أهدافها كاملة، وخير للأجيال أن تستمر الفكرة حتى ولو على حساب سقوط الدولة والرجال مهما كانت درجة التعاطف مع هذه الدول وهؤلاء الرجال ().

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق