467
موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"
الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب
المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية:
تاسعاً:آثار دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية:
7-تأجيل إخراج المسلمين من الأندلس:
ساءت أحوال المسلمين في الأندلس من جراء ضعف الخلافة الأموية فيها ومن ثم انتهاؤها سنة 422ه حين أعلن أهل قرطبة إلغاءها وعلى رأسهم جهور بن محمد بن جهور ()، فقامت على أنقاضها ما يسمى بدول الطوائف التي بلغت عشرين دولة تقريباً حيث تغلب كل على جهة وتلقب بالإمارة، بل والخلافة، فمنهم من تسمى بالمعتضد وبعضهم تسمى بالمأمون وآخر تسمى بالمستعين والمقتدر والمتوكل والموفق إلى غير ذلك من الألقاب التي قال عنها الشاعر الحسن بن رشيق:
مما يزهدني في أرض أندلس
سماع مقتدر فيها ومعتضد
ألقاب مملكة في غير موضعها
كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد()
ومع هذا الوضع المتردي لدول الطوائف أخذت الممالك النصرانية تتوسع على حسابها، فسقطت طليطلة بيد الإذفونش ملك قشتالة وليون وذلك سنة 478ه ()، ولم تلق المساندة الكافية لصد العدوان النصراني عليها من قبل أمراء الدويلات الإسلامية الأخرى التي كانت تتصارع فيما بينها وتخطب ود النصارى حفاظاً على الطموحات الشخصية لبعض أمرائها الذي بلغ الحال بعدد منهم أن استعانوا بالنصارى ضد إخوانهم المسلمين لذلك ساد الفزع بين مسلمي الأندلس لسرعة تقدم النصارى وما يتوقعونه من نهاية سيئة لهم من جراء ذلك حتى عبر أحد الشعراء عن هذه الحالة بعد سقوط طليطلة بقوله:
يا أهل أندلس شدوا رحالكم
فما المقام بها إلا من الغلط
السلك ينثر من أطرافه وأرى
سلك الجزيرة منثوراً من الوسط
من جاور الشر لا يأمن بوائقه
كيف الحياة مع الحيات في سفط ()
ولهذا الوضع المفزع في الأندلس دبت الغيرة في بعض أمراء الطوائف وبعض العلماء لحماية المناطق الإسلامية من النصارى فكانت الدعوة للمرابطين لدخول الأندلس حيث تغيرت الكفة وانحصر نفوذ النصارى، فكان قدوم ا لمرابطين منقذاً للمسلمين في الأندلس من طمع النصارى ومحافظاً على بقائهم فيها بعد أن أوشك على الزوال، وقد قال عن ذلك أحد المؤرخين الأندلسيين بعدما وصف الأوضاع المضطربة فيها قبل النجدة المرابطية: ... إلى أن جمع الله الكلمة ورأب الصدع ونظم الشمل، وحسم الخلاف وأعز الدين، وأعلى كلمة الإسلام، وقطع طمع العدو بيمن نقيبة أمير المسلمين وناصر الدين أبي يعقوب يوسف بن تاشفين ()وعبور المرابطين لنجدة إخوانهم مسلمي الأندلس كان في سنة 479ه حيث جرت معركة الزلاقة المشهورة مع النصارى والتي انتصروا فيها واندحر الزحف النصراني على المناطق الإسلامية آخذاً بالتقهقر ()، ومنذ ذلك الحين عمل المرابطون على تثبيت سلطانهم في الأندلس وتوحيد الطوائف فيها تحت سيطرتهم والوقوف في مواجهة النصارى وجهادهم في البلاد الأندلسية حتى كان تضعضعهم وضعف سلطانهم إثر سقوط عاصمتهم في المغرب مدينة مراكش سنة 541ه وبعد اضطراب أحوال الأندلس طمع النصارى في استغلال ذلك فاجتاز الموحدون إليها وكان لهم الجهد المشكور في مواجهتهم وكبح جماحهم ومن ثم الحفاظ على البقاء الإسلامي في الأندلس (). حتى ضعف سلطانهم ثم سقوط دولتهم في سنة 668ه()، فورثها مجموعة من الدويلات التي تساقطت في أيدي النصارى الواحدة تلو الأخرى حتى كان آخرها سقوط غرناطة سنة 897ه()، وهكذا فإن جهاد المرابطين ثم الموحدين في فترة الحروب الصليبية كان من أبرز العوامل بل أهمها في الحفاظ على الوجود الإسلامي في الأندلس وتأخير إخراج المسلمين منها ().
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق