438
موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"
الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب
المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية:
سابعاً:وسائل الدعوة الإسلامية في عصر الحروب الصليبية :
4-وسيلة المسجد:
في عصر الحروب الصليبية كانت المساجد من وسائل الدعوة الموجهة إلى النصارى، حيث يظهر ذلك من خلال كونها معلماً من معالم المدن الإسلامية، فمن أول ما يلفت نظر غير المسلم الزائر للمدينة الإسلامية هذه المساجد التي لم يعتد رؤيتها في بلاده، فيطرح ذلك بعض الأسئلة في ذهنه والتي ربما تقوده إلى البحث ومحاولة التعرف على الإسلام، فالمساجد من هذه الناحية أول منادٍ تدعوا إلى الإسلام لغير المسلم الذي يشاهدها لأول مرة، وهذا هو حال كثير من النصارى القادمين مع الحملات الصليبية الذين لم يعتادوا رؤية المساجد من قبل في بلادهم وفي المساجد يرفع الآذان الذي يتضمن تمجيداً لله سبحانه وتعالى وتوحيداً له وإعلاناً بنبوةّ محمد صلى الله عليه وسلم وفي ذلك نقض لعقيدة التثليث لدى النصارى ورد على تكذيبهم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن سماع النصارى للآذان وتكراره في اليوم خمس مرات على مسامعهم فيه دعوة مباشرة لهم بالتوحيد والإيمان بنبوّة محمد صلى الله عليه وسلم بغض النظر عن الاستجابة () وكانت هناك مساجد كثيرة بأيدي المسلمين منفردين في الصلاة فيها وهي تحت الحكم النصراني وقد بقيت على حالها وهذا ما أشار إليه ابن جبير في مدينة صور وهي تحت الحكم الصليبي حينما زارها حيث قال: وكانت راحتنا مدة مقامنا بصور بمسجد بقي بأيدي المسلمين، ولهم فيها مساجد أخرى (). كذلك ارتياد النصارى لبيت المقدس واختلاطهم بالمسلمين فيه وتعودهم رؤية المسلمين يؤدون صلاتهم فيه، أدى إلى تبدل نظرة الكثيرين منهم إلى المسلمين من نظرة متعصبة حاقدة إلى نوع من المودة والاحترام وقد أشار أسامة بن منقذ إلى شيء من ذلك فبينما كان يؤدي الصلاة في بيت المقدس متجهاً إلى مكة وحوله بعض الفرنج تقدم إليه أحدهم وصرفه عن القبلة، فمنعه آخرون منهم واعتذروا لأسامة، وأن هذا الرجل قدم حديثاً من البلاد ولم يتعود أن يرى مسلماً يصلي متجهاً إلى مكة ()، لذلك استنتج هذه الملاحظات أسامة بنفسه حيث قال: فكل من هو قريب بالبلاد الإفرنجية أجفى أخلاقاً من الذين قد تبلدوا وعاشروا المسلمين ().
وقد كان لبعض المساجد في بلاد المسلمين شأن وذكر، بل أنها استحوذت على بعض القادة المسلمين، وكون العناية بمثل هذه المساجد وسيلة لكسب المسلمين الخاضعين لسيطرتهم ومن ذلك مثلاً مسجد القسطنطينية الذي دارت بشأنه العديد من السفارات بين صلاح الدين وإمبراطور الروم والذي كان يبدي اهتمامه وعنايته بهذا المسجد، حيث أرسل صلاح الدين من أجل ذلك سفارة تضم إماماً وخطيباً للمسجد، وكان لذلك أثره في إبراز صورة الإسلام في معقل من معاقل النصرانية، وقد قال ابن شداد عن ذلك: .. وكان يوم دخولهم – أي سفارة صلاح الدين إلى القسطنطينية يوماً عظيماً من أيام الإسلام شاهده جمع كثير من التجار، ورقى الخطيب المنبر، واجتمع إليه المسلمون المقيمون بها والتجار وأقام الدعوة الإسلامية العباسية () لقد قامت المساجد بدورها في دعوة النصارى إلى الإسلام العظيم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق