723
البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء السادس
حديث آخر عن أبي هريرة في الذئب:
وقد قال سعيد بن مسعود: ثنا حبان بن علي، ثنا عبد الملك بن عمير عن أبي الأوس الحارثيّ، عن أبي هريرة قال: جاء الذِّئب فأقعى بين يدي النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وجعل يبصبص بذنبه.
فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((هذا وافد الذِّئاب، جاء ليسألكم أن تجعلوا له من أموالكم شيئاً)).
قالوا: والله لا نفعل، وأخذ رجل من القوم حجراً فرماه، فأدبر الذِّئب وله عواء.
فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((الذِّئب وما الذِّئب)).
وقد رواه البيهقيّ عن الحاكم، عن أبي عبد الله الأصبهانيّ، عن محمد بن مسلمة، عن يزيد بن هارون، عن شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن رجل به.
ورواه الحافظ أبو بكر البزَّار عن محمد بن المثنى، عن غندر، عن شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن رجل، عن مكحول، عن أبي هريرة فذكره.
وعن يوسف بن موسى، عن جرير بن عبد الحميد، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي الأوبر، عن أبي هريرة قال: صلَّى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يوماً صلاة الغداة ثمَّ قال: ((هذا الذِّئب وما الذِّئب جاءكم يسألكم أن تعطوه أو تشركوه في أموالكم)).
فرماه رجل بحجر فمرَّ، أو ولى وله عواء.
وقال محمد بن إسحاق عن الزّهريّ، عن حمزة ابن أبي أسيد قال: خرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في جنازة رجل من الأنصار بالبقيع فإذا الذِّئب مفترشاً ذراعيه على الطَّريق فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((هذا جاء يستفرض فافرضوا له)).
قالوا: ترى رأيك يا رسول الله ؟
قال: ((من كل سائمةٍ شاة في كل عام)).
قالوا: كثير.
قال: فأشار إلى الذِّئب أن خالسهم، فانطلق الذِّئب، رواه البيهقيّ. (ج/ص:6/162)
وروى الواقديّ عن رجل سمَّاه، عن المطَّلب بن عبد الله بن حنطب قال: بينا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في المدينة إذ أقبل ذئب فوقف بين يديه.
فقال: ((هذا وافد السِّباع إليكم فإن أحببتم أن تفرضوا له شيئاً لا يعدوه إلى غيره، وإن أحببتم تركتموه واحترزتم منه فما أخذ فهو رزقه)).
فقالوا: يا رسول الله ما تطيب أنفسنا له بشيء.
فأومأ إليه بأصابعه الثَّلاث أن خالسهم قال: فولى وله عواء.
وقال أبو نعيم: ثنا سليمان بن أحمد، ثنا معاذ بن المثنى، ثنا محمد بن كثير، ثنا سفيان، ثنا الأعمش عن شمر بن عطية، عن رجل من مزينة أنَّ جهينة قال: أتت وفود الذِّئاب قريب من مائة ذئب حين صلَّى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فأقعين.
فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((هذه وفود الذِّئاب جئنكم يسألنكم لتفرضوا لهنَّ من قوت طعامكم، وتأمنوا على ما سواه)) فشكوا إليه الحاجة.
قال: ((فأدبروهم)).
قال: فخرجن ولهنَّ عواء.
وقد تكلَّم القاضي عياض على حديث الذِّئب، فذكر عن أبي هريرة وأبي سعيد، وعن أهبان ابن أوس، وأنَّه كان يقال له: مكلِّم الذِّئب قال: وقد روى ابن وهب أنَّه جرى مثل هذا لأبي سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية مع ذئب وجداه أخذ صبياً فدخل الصَّبيّ الحرم، فانصرف الذِّئب، فعجبا من ذلك.
فقال الذِّئب: أعجب من ذلك محمد بن عبد الله بالمدينة يدعوكم إلى الجنَّة، وتدعونه إلى النَّار.
فقال أبو سفيان: واللات والعزى لأن ذكرت هذا بمكة ليتركنها أهلوها.
قصة الوحش الذي كان في بيت النَّبيّ وكان يحترمه عليه السلام ويوقِّره ويجلّه:
قال الأعرابي أحمد: حدَّثنا أبو نعيم، ثنا يونس عن مجاهد قال: قالت عائشة رضي الله عنها: كان لآل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وحش فإذا خرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لعب واشتد، وأقبل وأدبر، فإذا أحسَّ برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قد دخل ربض فلم يترمرم ما دام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في البيت كراهية أن يؤذيه.
ورواه أحمد أيضاً عن وكيع وعن قطن كلاهما عن يونس - وهو ابن أبي إسحاق السبيعي - وهذا الإسناد على شرط الصَّحيح ولم يخرِّجوه، وهو حديث مشهور، والله أعلم.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق