700
البداية والنهاية ( ابن كثير ) الجزء السادس
باب تسبيح الحصى في كفه عليه الصلاة والسلام:
قال الحافظ أبو بكر البيهقيّ: أنَّا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أنَّا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا الكديميّ، ثنا قريش بن أنس، ثنا صالح ابن أبي الأخضر عن الزهريّ، عن رجل يقال له: سويد بن يزيد السلميّ قال: سمعت أبا ذر يقول: لا أذكر عثمان إلا بخير بعد شيء رأيته كنت رجلاً أتبع خلوات رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فرأيته يوماً جالساً وحده فاغتنمت خلوته فجئت حتى جلست إليه فجاء أبو بكر فسلَّم عليه، ثمَّ جلس عن يمين رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ثمَّ جاء عمر فسلَّم وجلس عن يمين أبي بكر، ثمَّ جاء عثمان فسلَّم ثم جلس عن يمين عمر وبين يدي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم سبع حصيات - أو قال: تسع حصيات - فأخذهن في كفه فسبحن حتى سمعت لهن حنيناً كحنين النَّخل، ثمَّ وضعهنَّ فخرسن، ثمَّ أخذهنَّ فوضعهنَّ في كف أبي بكر فسبَّحن حتى سمعت لهنَّ حنيناً كحنين النَّخل، ثمَّ وضعهنَّ فخرسن، ثمَّ تناولهنَّ فوضعهنَّ في يد عمر فسبحن حتى سمعت لهنَّ حنيناً كحنين النَّخل، ثمَّ وضعهنَّ فخرسن، ثمَّ تناولهنَّ فوضعهنَّ في يد عثمان فسبحن حتى سمعت لهنَّ حنيناً كحنين النَّخل، ثمَّ وضعهنَّ فخرسن فقال النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((هذه خلافة النبوة)).
قال البيهقيّ: وكذلك رواه محمد بن يسار عن قريش بن أنس، عن صالح بن أبي الأخضر، وصالح لم يكن حافظاً، والمحفوظ عن أبي حمزة، عن الزهريّ قال: ذكر الوليد بن سويد هذا الحديث عن أبي ذر هكذا. (ج/ص:6/147)
قال البيهقيّ: وقد قال محمد بن يحيى الذُّهليّ في الزهريات التي جمع فيها أحاديث الزهريّ: حدَّثنا أبو اليمان، ثنا شعيب قال: ذكر الوليد بن سويد أنَّ رجلاً من بني سليم كبير السِّن كان ممن أدرك أبا ذر بالربذة ذكر أنَّه بينما هو قاعد يوماً في ذلك المجلس وأبو ذر في المجلس إذ ذكر عثمان بن عفَّان، يقول السلميّ: فأنا أظن أنَّ في نفس أبي ذر على عثمان معتبة لإنزاله إياه بالربذة، فلمَّا ذكر له عثمان عرض له أهل العلم بذلك وهو يظن أن في نفسه عليه معتبة، فلمَّا ذكره قال: لا تقل في عثمان إلا خيراً، فإني أشهد لقد رأيت منه منظراً وشهدت منه مشهداً لا أنساه حتى أموت، كنت رجلاً ألتمس خلوات النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأسمع منه أو لآخذ عنه، فهجَّرت يوماً من الأيام فإذا النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قد خرج من بيته، فسألت عنه الخادم فأخبرني أنَّه في بيت فأتيته وهو جالس ليس عنده أحد من النَّاس، وكأني حينئذ أرى أنَّه في وحي، فسلَّمت عليه فردَّ السَّلام ثمَّ قال: ((ما جاء بك؟))
فقلت: جاء بي الله ورسوله، فأمرني أن أجلس، فجلست إلى جنبه لا أسأله عن شيء ولا يذكره لي، فمكثت غير كثير فجاء أبو بكر يمشي مسرعاً فسلَّم عليه، فردَّ السَّلام ثم قال: ((ما جاء بك؟))
قال: جاء بي الله ورسوله، فأشار بيده أن اجلس، فجلس إلى ربوة مقابل النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بينه وبينها الطَّريق، حتى إذا استوى أبو بكر جالساً فأشار بيده، فجلس إلى جنبي عن يميني، ثمَّ جاء عمر ففعل مثل ذلك، وقال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مثل ذلك، وجلس إلى جنب أبي بكر على تلك الرَّبوة، ثمَّ جاء عثمان فسلَّم، فردَّ السَّلام وقال: ((ما جاء بك؟))
قال: جاء بي الله ورسوله، فأشار إليه بيده فقعد إلى الرَّبوة، ثمَّ أشار بيده فقعد إلى جنب عمر، فتكلم النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بكلمة لم أفقه أولها غير أنَّه قال: ((قليل ما يبقين)) ثمَّ قبض على حصيات سبع أو تسع أو قريب من ذلك، فسبَّحن في يده حتى سمع لهن حنيناً كحنين النَّخل في كفِّ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ثمَّ ناولهنَّ أبا بكر وجاوزني فسبَّحن في كفِّ أبي بكر كما سبحن في كف النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ثمَّ أخذهن منه فوضعهنَّ في الأرض فخرسن فصرن حصاً، ثمَّ ناولهنَّ عمر فسبحن في كفه كما سبحن في كفِّ أبي بكر، ثمَّ أخذهنَّ فوضعهن في الأرض فخرسن، ثمَّ ناولهنَّ عثمان فسبحن في كفِّه نحو ما سبَّحن في كفِّ أبي بكر وعمر، ثمَّ أخذهنَّ فوضعهنَّ في الأرض فخرسن.
قال الحافظ ابن عساكر: رواه صالح ابن أبي الأخضر عن الزهري فقال عن رجل يقال له: سويد بن يزيد السلميّ، وقول شعيب أصح.
وقال أبو نعيم في كتاب (دلائل النبوة): وقد روى داود ابن أبي هند عن الوليد بن عبد الرَّحمن الحرشيّ، عن جبير بن نفير، عن أبي ذر مثله.
ورواه شهر بن حوشب وسعيد بن المسيّب عن أبي سعيد قال: وفيه عن أبي هريرة، وقد تقدَّم ما رواه البخاريّ: عن ابن مسعود رضي الله عنه أنَّه قال: ولقد كنَّا نسمع تسبيح الطَّعام وهو يؤكل.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق